مهجوس الماء
..
ارسم تقاطيع وجهي وسط ميناءِ
وجهي المشتَّتُ هذا
كل أنوائي
..
والعين ذي وحدها
تكفي لتنجز من أسفارنا رحلة
من دون إمضاءِ
..
في العين بحر وصحراءٌ
وزاوية الرؤيا بها حدساً
ما لا يرى الرائي
..
والكون أوسعُهُ
في بؤبؤ كصغير
وهو في الشفِّ
من تحوير سوداءِ
..
لمَّا يعوم بياضُ العينِ
تحسبه ضوءاً
وسرُّ العمى من ماء بيضاء
..
هذي معاكسة العينين ضوء سنا
فالنور في الأسود المُزجي لأضواءِ
..
والعتم في أبيض قد رابَ
متخِّداً شكل الحليبِ
الذي يسقي لإطفاء
..
عد بي
مقاربة الميناء تبعدني
عن سيرة النخل
أن يدني لصحراءِ
..
حتى يقول مع النخلاتِ
وارفة صحراؤنا
وبها عين لإرواء
..
في الجنب منها
لها بئر معطَّلةٌ
لكنَّها تتبارى عند إدلاءِ
..
في الجنب أيضا
ألا أكواخ صابغةٌ من طينة الأرضِ
أحلاما بحنَّاءِ
..
ورغم هذا وهذا
لا مجال لكي نروى بصحراءِ
تخفي حسَّ سقَّاءِ
..
وشرفة العين رغم الدمع قاحلةٌ
غبارها دائما مزجٌ بأقذاءِ
..
وقل أرى وجهه المرسوم
ذا أثرٌ عفا لأمَّة ماضٍ
دون قفَّاءِ
..
يبدو بملمحه الآني مغترباً
ولا يعيش سوى هجرات إجلاءِ
..
يبدو له وطن من روح هجرته
عيناه منزحُ أمواتٍ كأحياءِ
..
وليس فيه سوى تاريخه جدثاً
مساكنا من ضمور روح غلواءِ
..
فلا وجوه على الميناء قد ثبتت
ولا مرايا لمهجوس من الماءِ
..
فيا مساكين ما يضفيه واقعنا
ما كان ينقصكم روح بإضفاءِ
..
وليس فيك مضافٌ
والمضيفُ بكم في قلب صحرائكم
جودٌ لإلهاءِ
..
وليس جود هويَّات
ومطعمها يقري ويكسو لجذر
قصد إبقاء
..
بل كان يقري ويكسو
للغريب وقد أبقاهُ مستلباً
من بعد إخصاءِ
# الشاعر سلمان عبد الحسين / البحرين