من جعبة ” شهرياد الكلام ” :
رواية “واو الدهشة”
لجهينة العوام ومحمود عبد الغني
عن دار فواصل
بقلم: راجح نعيم
من المرات القليلة، يكتب عملاً روائياً فنياً كاتبان، رجل وامرأة، ويأتي عملهما إبداعياً ناجحاً كما في رواية (واو الدهشة).
فكيف التقى صحافيان، جهينة العوام ابنة البيئة السورية – اللبنانية، ومحمود عبد الغني، المصري، وتوافقا على كتابة هذا العمل مُجْتَمِعَيْن؟
فيما المعروف أنّ لكل إنسانٍ أسلوبه الخاص به، وفقاً لجبلَّته أو تكوينه النفسي والعقلي، كما يقول علماء النفس والاجتماع، وهو أمر عَجَبٌ، يُحسبُ للكاتبين، ولو كان التطابق في ضوء الواقع المعيش أمراً مستحيلاً، أو شبه مستحيل. أو لم يُقَلْ قديماً، (الرجلُ، الأسلوب). أمَّا في ما يتعدّى الشكل إلى المضمون، فإن (سلمى سعيد) (جهينه العوّام) التي تجري الروايةُ على لسانها، قد اعتمدتْ منهج السيرة الحياتية، كي توضح التكوينات الجزئية لمجتمع القرى الحدودية، ممتهنةً المخاطر، فهي تغامر بكل ما أُوتِيَتْ كي تسجلَ هدفاً في مرمى الأدب الحديث، لتفوز بنعمة الرواية الحقيقية… هي شاعرة تكتب نصاً يطرح مسائل أرضية في فضاءٍ إنسانيّ رحب، بإحساسٍ تغلب عليه (كما علَّق على الرواية، الشاعر نعيم تلحوق) متعةُ المبارزة، وأكثر ما يشُدُّ الانتباه، ويأسر الإحساس تَعرُّف (سلمى سعيد) على جبران خليل جبران (دير العواصف) أسامة العارف، (المعجب بجبران أشد الإعجاب والمقلد له) في سياق جولاتها الصحافية على القرى الحدودية العالقة بين التهميش، والتهريب، وضبابية النسب، وتلازمه معجبةً بمبادئه ومجمل فلسفاته الحياتية، ومنحوتاته الفنية ولوحاته التشكيلية. هذا هو عنوان البحث الذي كانت تنوي كتابته في مراحل كتابتها للسيرة الحياتية للفلاحين السوريين واللبنانيين تحت الاحتلال، الذين هاجر أغلبهم وتقسمت بلادهم، ووجدوا أنفسهم عالقين بين ثلاث دول؛ سورية، لبنان، وفلسطين.
في (واو الدهشة) الكثير من الوقائع التي تدهشنا، وتأخذنا إلى الإعجاب بالنص الذي صوَّرَ بواقعيةٍ صادقةٍ ما حصل إبان الثورة السورية الكبرى عام 1925، وهو ما تحتاجه الرواية الحقيقية، إنها رواية جديرة بأن تُقرأ وتعمَّم، كونها تدلنا على نوازع فينا لم تصهر بعد، مضافاً إليها البعد الجبراني، المؤسس لفكرة خلود المعنى، النمط الجديد الذي تسعى إليه رواية العصر.
شكر وامتنان لكاتب المقال والشكر موصول لشهرياد ودار فواصل ..القليل من الامل يحيي والكثير من الجمال ينقذ الارواح والايمان يجترح دروبا ويقوزح العتم.
تمنياتي لكم بالتوفيق والاستمرار