# كتب د. جوزيف ياغي الجميل إلى موقع ميزان الزمان الأدبي , فقال :
شاعرۃ الكِبَر
(قراءة غير موضوعية في قصيدة الشاعرة عايدة قزحيا حرفوش)
من قال إنيّ أكبر ؟!
من قال إنّي
أكبر؟!
العمرُ وحدَه فِيَّ
يكبر
أمّا أنا فلا أزال
طفلةً تحبو
على دروب
اليّاسمين
وفي حدائق العنبر
وفي عينيها
أمجادُ الدّنى
تتهاوى وتصغر
من قال إنّ العمرَ
أرقامٌ وأيام؟!
مَن أحصى عليَّ
ساعاتٍ فيها
الّليل يغفو
فأنام؟!
هُوِّيّتي الحُبلى
بسنين وشهور
لم تلدني بعدُ
فهي تبحث
عن وطنٍ مستقرٍّ
لا عن كرة تلفّ
وتدور
طفلةٌ أنا
لا تزال تتسلّق
أرائك المعرفة
كي تكتشف
المجهول
طفلةٌ أنا لعبتها
مراهقةُ قلبٍ
لا يزال بين
جمالات الحياة
يجول
أيا حبيبًا
ينتظر بلوغي
كي يقطفَ من
عذريّةِ قلبي
زهرًا بتول
أوقِفْ رجاءَكَ
فقلبي قد نذرته
لفصلٍ خامسٍ
لم تحدّده بعدُ
جغرافيّة
الفصول
ربّما يأتي إذا ما
الموتُ قضى
وإذما أقزام
الفكر تتعملق
فتطول.
( الكاتبة والشاعرة عايدة قزحيّا / لبنان)
من قال إني أكبر ..قصيدة للشاعرة عايدة قزحيّا حرفوش. هي قصيدة العمر، بل قصيدة الكِبَر.
كبيرة أنت أيتها الشاعرة، في أدبك وإنسانيتك. كبيرة أنت في محبتك واللطف. وكيف لا يكون كذلك من يبكي على إنسان عرفه ذات حياة، ذات صدفة، وحزن حتى الموت لغيابه.
كبيرة أنت في صداقتك والوفاء.
هذا هو الكِبَر الذي عرفته عنك. فما همّك العمر، يا طفلة الهنيهات العذبة، ومراهقة اليراع، وشابة الأحلام، وشيخة الحكمة والمعرفة والإبداع.
عودة إلى عنوان القصيدة. من قال إني كبرت؟
سؤال إنكاري بامتياز. فالعمر عندك لا يحسب بالسنوات، بل بالدقائق ، ونبضات القلب، كما قال أمير الشعراء:
دقّات قلب المرء قائلة له
إن الحياة دقائق وثواني
نعم ، يا صديقتي، نبضات قلبك معتّقة بالمحبة والجمال والشعر. ومن كانت له هذه الصفات فلن يهرم، ولن يشيخ.
ما همّك السنوات وأنت تحلّقين خارج الزمان، تداعبين خيالات الرموز، تلاحقين فراشات الاستعارات، وترقدين على سُرَيرات المجاز العذب.
طفلة أنت، وستبقين؛ لأن الشعر ، في خاطرك، بستان من أزاهير الياسمين والحنين.
طفلة أنت، وستبقين، لأن ثلوج النقاء والبراءة في فؤادك تفرش بساطا سندسيّ الألوان يهزأ بالسنين.
طفلة أنت، وفي خافقك الطفوليّ أحلام الأمس، وفي عينيك نقاء الحاضر، وأنغام المستقبل غير الضنين
حدائق العنبر في شعرك أزهى وأبهى من أن توصف أو تقال.
عذرية قلبك جسر يعبر بنا إلى عوالم الجنان والحنان، بغير انتقال.
والروح تنقل أفكارنا إلى فصلك الخامس، خارج جغرافية الأرض والسماء. هو فصل الشعر الذي يتمرّد على الفناء.
معك نقف على هدب الموت يقودنا الرجاء.
معك يموت الموت، على حد قول المتنبي، ويذعر الذعر؛ لأن في سكينة روحك تصوف رابعة العدوية، وحلولية الحلاج.
من قال تكبرين؟
نحن نقول ذلك لأن احترامك يكبر في ذواتنا، والأفكار.
تكبرين لأن الفصول الخمسة تتسامق في جغرافية انتظارنا عبق الزمان، ووحدة الأكوان.
تكبرين في قامتك الأدبية لتنأَي عن أقزام التزلف والانتهازية والأحقاد.
تكبرين وبنعمة ربك تحدثين. فهل وصلك منا الجواب؟
عايدة قزحيا حرفوش، إننا نغبطك طفلة ومراهقة ومهما تكونين. ونغبط أنفسنا في الحقيقة،؛ لأنك نعم الصديقة.
# د. جوزاف ياغي الجميل / لبنان