من وحي (أناي) .!
للكاتبة : جمانة السبلاني
- 5 –
من أولى بالحديث معنا والاصغاء إلينا إلا الصديق الذي نفضي إليه ويكون أقرب الناس الينا ، ولن نجد أقرب من ذاتنا التي نسكن معها الجسد و ونتقاسم معها الأنفاس و لا يخفى عليها شيئ من أمرنا ؟!
و هاهي تقول عن يائها :
“كنا دائمي التّأرجُح بين صُعود وهُبوط أبدِيَّين ، وسنبقى …
حاولتُ الوصول إلى جوهرنا معاً ، ولا زلت أحاول … تعمّقتُ أكثر لَعلَّني أجد صورة ما ، قالَباً يجمعنا ، يُمثِّلُنا”…
….
كنت أتمنى كقارئ – وغيري من متابعي هذا العمل الأدبي المشوق – أن يصل الحوار مع الذات الى نقطة التقاء، وإن بقي (الحب) محور الجدل بينها وبين (يائها) :
“كتبتُ ، وأكتُبُ لِكَلِمةٍ واحِدَةٍ كانت تسطَعُ في سمائي ، ولَم تَزل : الحُبّ” .!
فإن كانت قد مارست هذه الكلمة مع أهم ما يحيط بها فما بالنا إن مارست ذلك مع (يائها) التي لا تحيط بها بل “تسكنها” و تشاركها الانفاس ليل نهار ؟!
“لقد كان عليَّ أن أستمع إليها ، أن أَترجِم كلّ ألسُنِها ، فهي تُتقِنُ كل اللُّغات إلّا لغة الحبّ
كلُّ ما فِيَّ كان يرنو إليها، وكلُّ ما فيها كان يرنو إلَيَّ …
“كانت مرآتي التي تعكُسُني بالحزن الذي أشتهي ، بالحسرة التي تلازم روحي ، بالأسف على تفاصيلي التي لم أكن أعلم بوجودها ، في حينه .. لقد كانت مرآتي بكل معنى الكلمة ومصدر الإشعاع والمنقذ الدّائم لي…
حينَ صَمتٍ ..
….
الذين تابعوا هذه الرواية من بدايتها – وهي لم تنتهِ بعد – تبين لهم ان كل ما كان يدور من سجال لا سبيل له إلا قبول الآخر، و هاي تتحدث عن يائها لأول مرة و تمتدح دورها في حياتهما المشتركة وتنصفها من نفسها :
“كانت متفوِّقَةً بأشواط .. تركت وراءها آثاراً لم ينقصها إلا بعضُ غبار من ماضِيَّ الأسود …
معاً ! قطعنا شوطاً بعيداً في فن الإصغاء ، وآلاف الأشياء كانت توقِظُ فينا هذه الرّوح ، وبعنايةٍ كبيرة” …
….
و أود هنا أن أتطرق لجانب “الإبداع في حديث النفس” من خلال هذا العمل الأدبي الذي تواصل الصديقة الأستاذة جمانة السبلاني نشره تباعا في حكاية (أناي)، و هو ينم عن تمكن و قدرة على تجسيد الآخر “داخلها” و محاورته كما لوكان حاضرا، ليس في موقف عابر فحسب بل طوال هذا العمل المثير .!
إن الكتابة بمشاعر مختلفة، و طرح وجهة نظر أخرى بحياد يتطلب مهارة فكرية وتوازن دقيق .