…يواصل الكاتب والاعلامي السعودي يحيي باجنيد كتابة مقالاته حول سلسلة حكاية” أناي ” للكاتبة اللبنانية جمانة السبلاني , وهنا الجزء الرابع :
من وحي (أناي) .!
للكاتبة : جمانة السبلاني
- 4 –
ما أقسى هذا الصراع بين ما نُريد و ما يُريده الآخر .
ما الذي يبقينا في منطقة (اللاقرار)، بين قسوة الحيرة و مخاوف الاختيار ؟! من السهل أن يقال لها : أنتِ من يبقي الألم مستعرا، و لا يمكن لأحد غيرك أن يخمده ..
هاهو عشقها يتجه نحوها، بشوشا واثقا و طروبا .. لكن هناك من يلقي بظلال قاتمة على هذا المشهد .. إنها هي (ياؤها) التي تسير بجانبه .. فهل تحاول مجددا أن تسلبها حلمها و تغدر بها ..
أم أن هذا الذي تراه وهما من صنع مخيلتها ؟!
هي تعرف أن لا بد لصراعها مع (يائها) أن يحسم، فإما أن تُفضَّ هذه الشراكة، وهذا محال، و إمّا أن تُرسم حدود معايشة لا تلغي (الآخر) .. وهذا ماكان .
حينما ترمي إلى غريق بحبل فإنك لا تنقذه إلا إذا أمسك هو بطرفه الآخر .!
” بَيني و بَيني أراني نجمة بحرٍ تائهة لا أمرحُ على الشّاطيء ولا تُغريني زُرقَةَ المِياه .
أراني بحاجةٍ دائمةٍ لِيَدٍ تحمِلُني وتُلقيني في الماء من جديد ” .!
فليذهب كل شيء، إن لم يعد يعني لنا شيئا .. أو يبقى، إن كان هو ما بحثنا عنه طويلا و قاسينا من أجله الكثير .
على (أناها) أن لا تحلم بهذا، فالظل يمكن أن يتبعنا لكنه يبقى ظلا مهما استطال .
أما حبيبها فسيبقى لها وحدها ..
من أجله تلبَّست بعطرها المفضل، الذي اختلط برائحة جسدها، وتحوَّل إلى مزيج متفرد له خصوصيته وكيميائيته،
عند مجيئه، ستهمس له بتلك العبارات و الكلمات، التي أعدتها للقائه ..
هيأت له وسادة مضمخة بعطرها لتنام، و تحلم معه براحة طالما حلمت بها ألف ليلة و ليلة ..
وسادة غطاؤها كفيها، لتشرق من ابتسامتها ألف شمس و شمس .
…
الحب ذلك الكائن النوراني الذي يشرق في القلب كالفجر الصادق، ويغمر كل أرجائه .
“اشتقتُ أن تُداعِب أصابعه أنفي ، أن تلمس وجهي ، أن أعلم أنّه لم يُغادِرني و لم أُغادِرهُ قَطّ” …
الحب كبير كالبحر ..
هذا تحيط به اليابسة، وذاك محاط بالقفص الصدري .!!
هما متشابهان في “الأسر” أيضا، لا يملكان من أمرهما شيئا :
“قد سألت البحر يوما هل أنا يا بحر منكا؟
هل صحيح ما رواه بعضهم عني وعنكا؟
أم ترى ما زعموا زورا وبهتانا وإفكا؟
ضحكت أمواجه مني وقالت :
لست أدري ….