كتبت الشاعرة والفنانة عايدة قزحيا مقالة لموقع ” ميزان الزمان ” قالت فيها :
وجهة نظر..
حبّذا لو نفصل بين الوطن والقيّمين عليه ورياح الظّروف الإستثنائيّةّ الّتي تفرض عليه التّأرجح ، وهو بإذن الله يحاول أنْ يثبّتَ أقدامه رغم كلّ الصّراعات الإقليميّة الّتي تحاول أنْ تنتزع منه حرّيته وقراره وتَحجُبَهُ وتُحَجِّبَهُ عن العالم.
حبّذا لو نفصل بين الوطن وهوّيّتنا اللبنانيّة من جهة وبين مطالبنا الإقتصاديّة المحقّة وحقوقنا المدنيّة الّتي نطالب بها، فلا يذهبَنَّ أحدُنا إلى رشقِ الشّجرة وجذورها إذا أردنا قطف ثمارها، فالثّمار موسميّة عابرة أمّا الشّجرة فدائمة وثابتة.
لذلك فالوطن هو أهلنا، فإذا ضاقت
به ظروف المعيشة، فإنّنا لا نمقته، بل نمقت الظّروف الّتي حلّت به.
من هنا فإنّي لا أرحّب بأيّ حرفٍ، أو بأيّ تصرّف يمسُّ الوطن ومقدّساته ومقدّراته الّتي ندفع ثمنها من جيوبنا، وكلّنا نعلم أنّه في ساعة الغضب قد يحطّم أحد أفراد العائلة ما بيده تعبيرًا عن غضبه، والنّتيجة لا أحد يشتري بديل ما تحطّم سوى أهل البيت.
كما إنّي ألفتُ النّظر إلى بعض الأغاني الّتي يقوم البعض بتركيب كلمات جديدة لها، وتحويلها من وجهة إيجابيّة إلى وجهة سلبيّة وينشرونها ويفرحون بها معتبرين أنفسهم قد أنجزوا عملًا جبّارًا، متناسين كم لهذه الأغاني من وقع في نفوسنا، وبأنّها تحمل بصمة حضاريّة وشعوريّة ترتبط بحقبة زمنيّة جميلة وملتصقة بحبّ الوطن.
ما ذنب النّهر الجاري بالسّدود؟
ما ذنب الأرض بالحدود؟
ما ذنب الوطن بالجحود؟
من هنا أرجو أن يبقى لهذه الأغنيات صورها الجميلة المرسومة في الذّاكرة فلا نشوّهها بخرطشات صبيانيّة نطمس من خلالها معالمها الوجدانيّة والحضاريّة.
فليغنِّ كلٌّ على ليلاه ودعوا “ليلى” ل”قيس”
وليبتدع مَن يريد أن ينتقد ما يجري في الوطن لحنًا جديدًا ويغنّي ما يشاء، وليترك الأغنيات الأصليّة لأصحابها، ولمن أبدع في كلماتها ولحنها ومنحها إحساسه وقلبه وصوته، ولا يعتقد أيُّ طيرٍ بأنّه لو قلّد الكنار سنطرب لسماعه، فمنِ اعتاد على سماع الأصالة الفنيّة فلن يصفّق للمقلّدين ..
فليبتعد كلّ مَن شاء أنْ يصدحَ بصوته ويعبّر عن رأيه عن البدع الّتي تشوّه تراثنا الثّقافيّ الفنّي الّذي ميّز ويميّز لبنان، فربّما لو أنجز جديدًا سينال ترحيبًا وتصفيقًا وقبولًا وقيمة أكبر.
فالوطن يبقى بيتًا مقدّسًا مهما أساء أبناؤه إليه، فهم الرّاحلون وهو الباقي.
# عايدة قزحيّا / لبنان
