تكتبُ الشّاعرةُ اللّبنانيّةُ دورين نصر حرفاً مبلَّلاً بنكهةِ المطرِ
بقلم الناقد و الأديب : صبري يوسف
-×-×-×-×-
تكتبُ الشّاعرةُ اللّبنانيّةُ دورين نصر حرفاً مبلَّلاً بنكهةِ المطرِ، المتهاطلِ فوقَ أزاهيرِ قلوبٍ عطشى إلى ظلالِ البيتِ العتيقِ، المعتَّقِ بالخيرِ والبركاتِ، تمتلكُ لغةً سامقةً في بنائِها، وانبعاثِها، وصورِها، وتشكيلاتِ بوحِها، كانَّنا أمامَ مهندسةٍ محترفةٍ في هنْدسَةِ الكلامِ وتشييدِ شهقةِ الأحلامِ، مترجمةً ما يموجُ في رؤاها مِنْ تأمُّلاتٍ مصحوبةٍ بالأصالةِ والوفاءِ والبهاءِ. يولدُ حرفُها بعدَ اختمارٍ في محرابِ التَّجلِّي، مُحتَبِكاً باخضرارِ أغصانِ الزَّيتونِ واحمرارِ الأقحوانِ، ومصفَّى مِنَ الشّوائبِ المتناثرةِ فوقَ مُنعرجاتِ الأرضِ المحيطةِ بها وفي الكثيرِ مِنْ أرجاءِ الكونِ، محاولةً أنْ توشِّحَ وجنةَ القصيدةِ بحبقِ الأزاهيرِ وحبورِ الأفراحِ، بعدَ أنْ وجدَتْ تقلُّصاتِ أجنحةِ الفرحِ تكتسحُ الجمالَ والبهاءَ والبسمةَ، ووجدَتْ كيفَ انزلقَ إنسانُ هذا الزّمانِ في منحدراتِ القبْحِ والجشاعةِ والشَّراهاتِ المفتوحةِ على متاهاتِ أمراضٍ لا تخطرُ على بالٍ، فلَمْ تجدْ أجدى مِنَ الشُّموخِ عالياً عبرَ تجلِّياتِ بوحِها في مرامي الحرفِ نحوَ فضاءِ الفرحِ والأملِ والوئامِ، مُخلْخِلةً كلَّ ما يتراءَى لها مِنْ شراهاتِ الغدرِ والانكسارِ والاشتعالِ، ووجدَتْ في رفرفاتِ أجنحةِ القصيدةِ مَخرجاً خلّاقاً وكَبْحاً رادعاً لِما يَحيقُ بها مِنْ تلظِّياتِ النِّيرانِ المُحدِقةِ بها مِنْ أغلبِ الجهاتِ، كأنَّها حالةٌ شعريَّةٌ مندلقةٌ مِنْ إشراقةِ الشّمسِ في صباحٍ ربيعيٍّ مندَّى بأهازيجِ حنينِ الرُّوحِ إلى زُرقةِ السَّماءِ!
دورين نصر شاعرةٌ ممهورةٌ بضياءِ القمرِ، تكتبُ بهاءً معبّقاً بألقِ الرَّبيعِ، كأنَّها تناجي خصوبةَ الصَّباحِ، على إيقاعٍ حُلمٍ هاربٍ مِنْ شراهةِ النِّيرانِ المتربِّصَةِ في خيراتِ الأرضِ، تموجُ صورٌ خلَّاقةٌ في خيالِها، فتحتارُ كيفَ تلتقطُ توهُّجاتِ الصُّورِ المتراقصةِ في جموحاتِ الحرفِ، تتداخلُ الصُّورُ مَعَ فضاءَاتِ بوحِ الرُّوحِ، وتجدُ نفسَها في حالةِ انبهارٍ مَعَ خصوبةِ الكلمةِ وهي تُعانقُ كينونتَها، كأنَّها جاءَتْ إلى الحياةِ كي تجسِّدَ رؤاها على أجنحةِ اللَّيلِ الحنونِ. تلتقطُ ما تراهُ متناغماً مَعَ آفاقِ رؤاها وتنسجُهُ بوحاً رهيفاً بكلِّ سلاسةٍ وعفويَّةٍ، كي تقدِّمَهُ لقارئٍ متعطِّشٍ إلى مرامي الجمالِ وأشهى ما في بهجةِ الحرفِ. تمتلكُ بصيرةً وارفةً منبثقةً مِنْ أصفى حالاتِ التَّأمُّلِ والابتهالِ، فقدْ تشكَّلَتْ لديها مَعرِفةٌ شاهقةٌ لاطلاعِها على تجاربِ شعراءَ في الشَّرقِ والغربِ، ممَّا منحَها رؤيةً منفتحةً على فضاءِ الكلمةِ الخلَّاقةِ، فهي مبدعةٌ مسروجةٌ مِنْ اخضرارِ الحنطةِ، مِنْ رهافةِ الفَراشاتِ، مِنْ ضياءِ حلمٍ مفتوحٍ على مساحاتِ حبورِ البحارِ، وخيالُها مجنَّحٌ نحوَ صفاءِ السَّماءِ مثلَ نسيمٍ مسربلٍ بأصفى خيوطِ الحنينِ.
تعبِّرُ الشّاعرةُ عبرَ تجلِّياتِها عَنْ ظلالِنا الهاربةِ مِنْ جفوةِ هذا الزَّمانِ، وقدْ تغيّرَتْ واصطبغَتِ الظِّلالُ في غبارٍ مَكسوٍّ بالاعوجاجاتِ، ولَمْ يَعُدْ ضياءُ أيّامِ زمانٍ مُضيئاً كسابقِ عهدِهِ، فقَدْ توارى في خضمِّ القبْحِ الّذي حاصَرَنا مِنْ أغلبِ الجهاتِ. واحسرتاه، إلى متى سنبقى في حالةِ انزلاقٍ نحوَ هاوياتِ الانحدارِ؟! وحدَها القصيدةُ تسطعُ في وضحِ النّهارِ، غيرَ عابئةٍ بكلِّ ما نصادفُ مِنْ مراراتٍ في زمنِ الانشراخِ.
تترجمُ الشّاعرةُ أدقَّ المشاعرِ، برهافةٍ عاليةٍ، وتصوِّرُ الخدوشَ المرتسمةَ على بهاءِ عيني فتاةٍ، فينبعثُ احمرارُ الغسقِ عندَ تخومِ الأفقِ البعيدِ، خيالٌ طافحٌ بوهجِ الجموحِ، لديها انبعاثاتٌ سرياليّةٌ في فضاءَاتِ القصيدةِ، فهي تُشْبِّهُ القمرَ بإنسانٍ، تبلَّلَ خدُّهُ، بمذاقِ عصيرِ اللَّيلِ، وتقشَّرَتْ دروبُ العمرِ، وراحَتْ محطّاتُ الأيامِ تسترخي بكلِّ أريحيَّةٍ على جدرانِ النُّورِ، وترى الشّاعرةُ نفسَها مُحاصَرةً بضغوطاتِ الحياةِ، فلا وقْتَ لديها للحزنِ، للأسى، ولا لشهقاتِ البكاءِ، فهي منغمسةٌ في تجلّياتِ بوحِ الرُّوحِ في أصفى انبعاثاتِ الحرفِ، محاولةً أنْ تغافلَ السَّماءَ كي تلهو مَعَ تلألؤاتِ النُّجومِ، وكأنّها تريدُ أنْ تقولَ للقرّاءِ والقارئاتِ: تعالوا نفرحُ مَعَ ضياءِ النُّجومِ والحياةِ، بعيداً عَنْ ضجيجِ الأحزانِ وانسيابِ الدُّموعِ وشهقاتِ الانكسارِ!
الشاعرة د. دورين نصر
تصوغُ الشّاعرةُ دورين نصر حرفَها بلغةٍ طافحةٍ بالجمالِ وأرقى تجلِّياتِ بوحِ الخيالِ، وسائرةً في آفاقِ التَّحديثِ في بنائِها الفنِّيِّ، فلا تريدُ أنْ تمرِّرَ يديها فوقَ وجْهِ الصَّباحِ كي تهدهدَ أمواجَ البحرِ، بَلْ تريدُ في أوجِ اشتياقِها أنْ تطلَّ مِنْ نافذةٍ مفتوحةٍ على الأفقِ البعيدِ، لعلَّها تستطيعُ أنْ تُحصي ما تبقّى مِنَ العمرِ وتستمتعَ بما هو آتٍ مِنْ شهيقِ الحياةِ! متسائلةً: كيفَ فاتَ المرفرفونَ مَعَ أجنحةِ الرِّيحِ الوقوفَ عندَ سهولِ القمحِ الغافيةِ تحتَ مآقي الشَّمسِ، مركِّزةً على طفوحِ دمعةٍ نازفةٍ بصمتٍ على وجنةِ الزَّمنِ، تاركةً خلفَها ضياءً شفيفاً في قلبِ لحظاتِ العمرِ المسربلةِ بأسئلةٍ لا تُحصى. تدحرجَتِ الدَّمعةُ فوقَ خدودِ عمرِنا المندلقِ مِنْ هضابِ الزّمنِ، توارَتْ بعيداً عَنْ مرامي الشِّعرِ، ظلَّتْ عالقةً في مهجةِ الحياةِ. لا تذهبُ هدراً أوجاعُنا وآهاتُنا المغموسةُ بدموعِ الأنينِ ولهيبِ الأسى، تتحوَّلُ مَعَ مرورِ الوقتِ إلى أجملِ طوقٍ في جِيدِ الزّمنِ، هذهِ العطاءَاتُ هي يخضورُ الحياةِ. يجبُ أنْ نفتحَ بصيرتَنا على ما يتراءَى لنا، لا أنْ نُغمِضَ عيونَنا عمَّا يموجُ حولَنا، فدكنةُ اللَّيلِ، تخبِّئُ الكثيرَ مِنَ الأسرارِ في عتمتِها، وعلينا أنْ نغوصَ عميقاً في ثنايا ما هو مخبوءٌ فيها، كي نصلَ إلى الضّياءِ المخبوءِ في عتمِ اللَّيلِ!
يتعانقُ الشِّعرُ في فضاءَاتِ الشَّاعرةِ دورين نصر مَعَ آفاقِ الحبيبِ، فهوَ البدايةُ في رحابِ الدِّفءِ وهي أبهى ما في النِّهاياتِ، وهو مسكونٌ في مهاميزِ القصيدةِ، لأنَّهُ أشبهُ ما يكونُ فضاءً مفتوحاً على رحابِ الزَّمنِ، على مدى انبلاج ِبوحِ القصيدةِ، مركِّزةً على المجنَّحينَ في معابرِ الحياةِ، بعدَ أنْ نقشوا هِلالاتِ بوحِهم فوقَ جفونِ القصيدةِ، وتواروا بعيداً في مهبِّ التِّيهِ، وكأنَّها تريدُ أنْ تقولَ للعابرينَ في مدارجِ الحياةِ، ركِّزوا على دندناتِ القصيدةِ، فهي الأكثرُ بقاءً على وجهِ الدُّنيا.
ترى الشّاعرةُ أنَّ منعطفاتِ عمرِنا مكشوفةٌ للعيانِ، وقد قشَّرَها الصَّقيعُ مثلَ لهيبِ الجمرِ، وحياتُنا شهقةٌ عابرةٌ في عمرِ الزَّمنِ. لحظاتُ الهناءِ تبهجُ القلبَ، وتضيءُ مثلَ شمعةٍ في تكويرةِ الكأسِ فتمنحُ فضاءَ القصيدةِ رؤىً مُشِعَّةً بوميضِ الضّياءِ، فتزهو أجنحةُ القصيدةِ شامخةً مِنْ غَبطةِ الابتهاجِ. تحلِّقُ الشّاعرةُ عالياً وفي قمَّةِ جموحِها، تناجي الحبيبَ على إيقاعِ الحنينِ إلى شهيقِ الماضي السَّحيقِ، المتوغَّلِ في شرايينِها مثلَ أنباضِ القلبِ، وفي أوجِ انبلاجِ بسمةِ الفجرِ على صفاءِ الدمِ الملفَّحِ شوقاً إلى دفءِ الشّمسِ!
تموجُ أفاقُها الشِّعريّةُ بصورٍ بديعةٍ، متفرِّدةٍ، جامحةٍ، تصوغُ فضاءَها الشِّعريَّ كمَنْ تبحثُ عَنْ كنوزٍ مختبئةٍ في قاعِ البحارِ، وتحاولُ انتشالَ الكنوزِ عبرَ غوصٍ في مجاهيلِ الحرفِ، فيشرقُ مساؤها، فارشةً ما تراءَى لها مِنْ أسرارٍ، ويزدادُ اللَّيلُ تلألؤاً وسطوعاً، بعدَ أنْ تودِّعَ عاماً مزنّراً بالأوجاعِ، فتُقرَعُ أجراسُ الرَّحيلِ على أنغامِ دندناتِ الرُّوحِ، وهي في ذروةِ تجلِّياتِها، وشوقِها إلى مهجةِ حرفٍ متماهٍ مَعَ هدهداتِ اللَّيلِ الحنونِ، ومناغياً حبورَ السَّماءِ، ومرتِّقاً توهُّجاتِ إشراقةِ القصيدةِ.
تحاورُ الشّاعرةُ برومانسيةٍ رهيفةٍ آفاقَ الحبيبِ، مُهدهِدةً صباحَهُ المعطَّرَ بعذوبةِ مطرٍ صافٍ صفاءَ المحبّةِ المزدانةِ بأشهى أغصانِ الشَّوقِ، فيجيبُها دِفْؤكِ يجدِّدُ بهاءَ الصَّباحِ، ويزرعُ بسمةً وديعةً فوقَ شفاهِ الكونِ. توغَّلَ بعضُ المتابعينَ فضاءَاتِ قصيدتِها، بشغفٍ كبيرٍ، رفعوا أيديهم عالياً للسماءِ، لعلَّهم يعوِّضُون عمّا فاتَهم مِنَ رحلةِ العمرِ، لِما وجدوا في فضاءَاتِ البوحِ مِنْ مراميهم الَّتي سقطَ بعضٌ منها في محرابِ العمرِ. ترى الشّاعرةُ أنَّ انسيابَ الدَّمعةِ في ردهاتِ الظِّلِّ، جرحَ جموحَ الأحلامِ، وأزهقَ دماءَ الحجرِ رغمَ صلابتهِ، وراحَتْ تعبِّرُ عمّا يراودُها: لَمْ أتركْ مكاناً إلّا وبحثْتُ فيهِ عنْكَ، غصْتُ في رحابِ السَّماءِ، كدْتُ أنْ أسمَعَ صوتَكَ، مَعَ أنّكَ لَمْ تلقِ نظرةً عليَّ، ولَمْ تهمسْ لي كلمةً، لكنْ مَعْ هذا أشعرُ برنينِ صوتِكَ يموجُ في مهجةِ الرُّوحِ، كَمْ أنا بحاجةٍ إلى أنْ أُرفرفَ عالياً وأعانقَ حبورَ السَّماءِ، ممعناً النَّظرَ إليكَ أينما كنْتَ. أغوصُ في لبِّ الكلامِ مُرفرفاً أجنحتي، وفارشاً رؤاي على مدى فسحةِ السّطورِ، معانقاً مذاقَ الحروفِ المتناثرةِ فوقَ ظلالِ الشًّوقِ. بدَتْ لي تشابكاتُ الحروفِ، إلى أنْ غدَتْ وكأنَّها مقلوبةُ المعاني، مسحةٌ مِنَ الغموضِ غلَّفَ أجواءَ المكانِ، وتمايلَتْ رموزُ الحرفِ، مترنِّحةً على إشراقةِ الصَّباحِ على إيقاعِ القصيدةِ، محلِّلةً ما يختلجُ في وجدانِ الضَّمائرِ الحيّةِ، مركِّزةً على تدفُّقاتِ هواجسِها وتأمُّلاتِها، واضعةً في اعتبارِها ألقَ الحوارِ، ورغبةَ الإبحارِ في مهاميزِ الجمالِ في أعماقِ التَّفاصيلِ، وكأنَّها في رحلةِ بحثٍ عَنْ ضياءِ النُّورِ.
تنبعثُ القصيدةُ عندَ الشَّاعرةِ دورين نصر مِنْ خيالٍ محتبكٍ برؤيةٍ متناغمةٍ مَعَ إشراقاتٍ شعريّةٍ مصحوبةٍ بصورٍ مفتوحةٍ على آفاقِ الحداثةِ، والتَّجديدِ، بلغةٍ مكثّفةٍ، تحملُ في ثناياها انسيابيّةَ البوحِ، متطرِّقةً إلى مواضيعِ الحياةِ وما يجولُ في خاطرِها، منطلقةً مِنْ شهقةِ الشِّعرِ الصَّافي، بكلِّ اختزالٍ، فهي ترى أنَّ القصيدةَ هي منبعُ الحياةِ، وعلى ضفافِها تصبُّ مزاميرُ الحياةِ، وهي بلسمٌ شافٍ لأحزانِ وأفراحِ القلبِ، تترجمُ مشاعِرَها الحزينةَ والمفرحةَ، لأنَّ القصيدةَ هي ضياءُ الحرفِ نحوَ أقاصي السَّماءِ، تستوعبُ منعطفاتِ الحياةِ بكلِّ تشابكاتِها وهديرِها، قادرةٌ على أنْ تطاوعَ تشظِّياتِ ما يتراءَى لها فوقَ طينِ الحياةِ، حتّى وإن كانَتْ أحياناً ترى أنَّ مسحةً مِنَ الغبارِ يعلو فوقَ وجنةِ القصيدةِ، لكنَّ القصيدةَ تبقى الضَّوءَ السَّاطعَ في لبِّ الخيالِ، فلا تنكسرُ رغمَ اهتياجِ الرّيحِ في بعضِ الوجوهِ، ولا تنسى الشَّاعرةُ أنْ تستذكرَ أحزانَ مرفأ بيروتَ، فهو يُشبِهُ أحزانَ القصيدةِ، لأنَّ حزنَ القصيدةِ يشملُ أحزانَ كينونةِ الكونِ بكلِّ ما فيها من تلظِّياتٍ حارقةٍ فوقَ وجنةِ الصَّباحِ، متماهيةً مَعَ بهاءِ الطَّبيعةِ، وجمالِ الحياةِ، وترمزُ بهذا التَّماهي عبورَ الصَّباحِ بكلِّ بهائِهِ وجمالِهِ إلى مرافئِ قلبِ وروحِ الحبيبِ، فيجيبُها بكلِّ حبورٍ أنتِ صباحي وبهجةُ عمرِي وحياتي، ولا يفوتُ الشَّاعرةَ أنْ تؤنسنَ الطَّبيعةَ، فهي تشبِّهُ بسمتَها بومضةٍ حارقةٍ لِلُغْزِ الصَّباحِ، وهي مداعبةٌ منها للحبيبِ، وإسقاطُ ترميزاتٍ لأنْسنةِ الطَّبيعةِ، وقَدْ أفلحَتْ باستخدامِ لغةٍ حنينيّةٍ بصورٍ مفعمةٍ بالفقدانِ، إذْ تعتبرُ والدَها بمثابةِ الحياةِ، وعندما فقدَتْهُ، شعرَتْ أنّها فقدَتِ الحياةَ، وتحاولُ أنْ تستعيدَ وجودَهُ عبرَ القصيدةِ، وهذا تعبيرٌ عميقٌ على خلقِ حالةِ توازنٍ لما يفتقدُهُ الشَّاعرُ أو الشَّاعرةُ في محرابِ الحياةِ!
صبري يوسف / ستوكهولم
( أديب وتشكيلي سوري مقيم في ستوكهولم)
مقاطع من نصوص الشَّاعرة دورين نصر:
أنا مَنْ احترقَ
في ظلِّ اللَّيلِ
حينَ جرحَ الضَّوءُ قلبَ القمرِ …
***
لا وقتَ عندي للبكاءِ،
وإنْ مرَّ الزَّمنُ سريعًا فوقَ تلكَ الصَّفحةِ …
أجدُني أحاولُ إلهاءَ السَّماءِ
لعلَّني أقطفُ تلكَ النُّجمةَ …
***
تلكَ الدَّمعةُ
الَّتي كرجَتْ على خدِّ الزَّمنِ
هربَتْ مِنْ عينِ القصيدةِ
***
حينَ غيَّرَتِ الرِّيحُ مجراها
ما عادَ الشَّغفُ يورقُ
فوقَ غصنِ القصيدةِ …
***
انشغلَ عنها،
عاقبتْهُ بابتسامةٍ؛
فاحترقَ ثغرُ الصَّباحِ!
الأديب والتشكيلي السوري صبري يوسف