كتب يوسف رقة :
عندما يذكر اسم الأديب سليمان يوسف ابراهيم , أول ما يتبادر إلى ذهني صورة يده الممدودة كباحة الكنيسة لمصافحتي بعطاء مع ابتسامة من وجهه ولمعة عينيه النجلاوتين حيث يختبىء خلفهما العطر الممزوج بخلطة قهر العمر وعطر الايام .
سليمان ابرهيم , المولود في 27 أيلول 1961 هو أديب لبناني صدرت له مؤلفات أدبية وشعرية ووجدانية عديدة , وهو رغم حصوله على شهادة الدكتوراه الفخرية , فإنه يحترم النهج الأكاديمي فلم يطلب يوما ان نطلق عليه لقب ” دكتور” رغم انه يستحق هذا اللقب .. هو ذلك الانسان الذي يخجلك بتواضعه السنبلي المليء .
عاش يتيم الأب بعد ان فارق والده الحياة وكان في ريعان فتوته ( 12 سنة ) لكن والدته قد منحته حنان الأم ورعاية الأب , فوجه إهداء كتابه الذي صدر اليوم عن منشورات شاعر الكورة الخضراء عبد الله شحادة إلى أمه وأبيه . وقال في كلمة الإهداء :
” إليكما والدي , على ضآلة قيمته بموازاة تضحياتكما , كدكما والسّهر , هذه الحفنة من عرفان – كتابي – هدية ; علّها مخابئ عطري تندي ترابكما ببعض طهر وفائي ” .
الأديب سليمان , يمكننا أن نطلق عليه اسم ” سليمان الأمين ” أيضا .. كيف ولا ؟ وهو المؤتمن على أموال كنيسة في بلدته حيث تطوع في العمل كمحاسب لصندوقها المالي , وهو المؤتمن على أجيال وأجيال من خلال عمله في القطاع التربوي ولا يزال يعمل في مدرسة مشمش كمرشد تربوي , وهو المؤتمن على الكلمة الصادقة التي تقف إلى جانب الحق دائما دون تنازلات من خلال عمله الطويل في عدد من الصحف والمجلات وابرزها ” الأنوار ” الى جانب رفيق دربه الاعلامي جورج طرابلسي ..
لم يختر الصحافة السياسية طريقا له بناء لنصيحة من والدته بعد اغتيال الصحافي سليم اللوزي حيث قالت له ” شفت يا سليمان شو بيحصل للاعلاميين السياسيين ” وهكذا كان ملجأه العمل الاعلامي في المجال الثقافي والاجتماعي دون كلل أو ملل .
اليوم ومع قداس الأحد تتوجه رئيسة منتدى شاعر الكورة الخضراء الشاعرة والمهندسة ميراي شحادة برفقة الاعلامي جورج طرابلسي وبعض الاحبة ومنهم د. جوزاف الجميّل والكاتبة د. سحر حيدر الى منزل الأديب سليمان ابراهيم لتقديم مفاجأة جميلة اليه وهي النسخ الأولى من كتابه ” مخابئ العطر ”
هذا الكتاب الذي يضم 192 صفحة من كتاباته ومقالاته وبعض مداخلاته في الأمسيات والندوات الفكرية والثقافية وبالتأكيد بعض القصائد والأناشيد التي كتبها .
الأديب سليمان الذي يقطن في عنّايا في منزل قريب من مزار القديس شربل , يتمنى دائما لو أنّ منزله في مكان بعيد عن المزار لكي يتكبد عناء الزيارة وليكسب شفاعة المتألمين أكثر وأكثر .
كنت ألتقي كثيرا بالأديب سليمان ابراهيم في الأمسيات الثقافية التي تعقد في بيروت وفي معظم المناطق , فهو ناشط ثقافي وعضو مؤسس لكثير من المنتديات الثقافية ..
اكثر ما التقيت به في منتدى ” لقاء ” في جونية حيث ينضوي في مكتب الهيئة الإدارية للمنتدى الذي يرأسه الدكتور عماد فغالي الذي قدم لكتابه الجديد ” مخابئ العطر ” بكلمة , مما جاء فيها :
” في دفين نفس سليمان , مخبأ عطر , يفوح تفجّرا من حرقة القلب : كيف يورث لأبنائه من بعده وطنا .. وهو يحلم ىه وطنا مثالا , يهديه إليهم في طهرِ حالٍ .. يحلم به من قامة مواطن ( كما عظمة الإنسان التي أودعها الربّ فينا ) ..
يوم قدم الأديب سليمان ابراهيم في منتدى ” لقاء ” قراءة عن نص مسرحيتي ” 33 صلاة في جوف الحوت ” فاجأني بجرأته في تحليل النص وبقوله ما لم أقله علانية في النص ..
الكلام كثير عن الكاتب المتأهل من السيدة لور مخايل لحود ( في 11 تشرين ثاني عام 1984 ) وله منها ثلاث بنات هن : سيرين , جوزيان ومونيكا حيث حاز رتبة ” جدّو ” عام 2010 مع حلول بكر الأحفاد كيفن شربل حرب ..
لم نقل إلا القليل القليل عن كتابه الجديد ” مخابئ العطر ” لندع للقارئ متعة قراءة المخابئ والتمتع بشذا عطرها ..
اسرة ” ميزان الزمان ” تبارك لمنتدى شاعر الكورة الخضراء عبد الله شحاده انضمام باقة عطر جديدة تثري اصداراته وتبارك للكاتب الأديب سليمان ابراهيم بحفيده الجديد ” مخابئ العطر ” .. على أمل الاحتفاء بالمجموعة الكاملة لأعماله مع تمنياتنا له بالعمر الطويل .
الف الف مبارك لك دكتور سليمان بهذا الإصدار ومبارك لنا بهذا العطر والزيت المبارك من عنّايا .