قراءة د. جوزاف الجميل لنص ” يرحلون ” للشاعرة ميراي شحادة حداد .
-×-×-×-×-×-
… قرأ الكاتب د. جوزاف الجميل في نص كتبته الشاعرة ميراي شحادة حداد على صفحتها , وقالت فيه :
يرحلون ويأخذون معهم أجاجين الحب وربيع المواسم…ويبقى جمرُ الحنينِ ما يزهرُ في طيّات الورق؛ وسنى المآقي ينضح من كؤوس الرّيح الهازجة في محافل الوداع!
لمن ارتحلوا من قصور الحياة واختلدت ذكراهم في الصّور وفي السّور والعبر، أقول، سنلتقي يومًا كالعصافير على أفنان الشجر…
نحن لا ولم نفترق، لأنّ لاحدود بين التراب والمطر.
لاحدود بين الريشة والوتر! طالما اللَّحن الذي عزفناه يومًا يواصل الرقص على مسارح العمر.
ميراي شحاده
٥ تشرين٢، ٢٠٢١
هنا قراءة د. جوزاف الجميل التي حملت عنوان :
” أسفار الخلود”
يرحلون؟ من قال إن مصيرهم الرحيل، أو الغياب؟
باقون هم بقاء الحرف يعلنه الكتاب.
باقون وفي القلوب رسائل خطها دعاء مستجاب.
عبد الله شحادة، أيها الغائب الحاضر، في نجوى الكلمات، شمسك الساطعة لن تحجبها الظلمات. شمسك الحق. وفي الحق دموع وابتسامات.
قبل ست وثلاثين سنة بالتمام امتطيت جواد السندباد وأبحرت، إلى عالم الحوريات. رفعت الشراع/ اليراع، في مركب الحب وأقلعت، إلى عالم الصمت الثرثار.
ستة وثلاثون عاما كأمس الغابر تشرق بأحلام النداء التائه في ناي جُنّ به القصب، باح بأنغامه الحنين المغتصٗب، وناحت الصفحات.
بالله عليك أيها النغم المبارك، في قيثارة الإبداع، كيف يمكن لوترك أن تهتز أوتاره لغير الحب؟ كيف يمكن لأجاجين أحلامك أن تمتلئ إلا بالحب؟
بين ربيع العطاء، ومواسم الغلال النورانية ألف حكاية وحكاية ترويها الأجيال. غلال مشبعة بالحنين الدافئ الآتي على صهوة فجر دائم لا يعرف الغروب.
ذات ليل، عصفت ريح الشمال فمالت شلوح الأرز، ولكنها لم تنكسر. أرزة الشمال لا تعرف طعم الهزيمة. تقف صامدة في مواجهة الأقدار. يمتد حفيفها في بساتين المدار، فتحمل إلينا الطيوب.
وتسألين عن العابرين قصور الحياة كشهاب، في أثير الليل الوثير؟
لا تتسع للراحلين المهاجرين الصور. وفي غرفات الموج ذواكر وعبر.
هي صور العمر الهارب على أجنحة النوارس البيضاء.
هي الأحلام الوردية تحتفي بفراشها الدافئ الخفقات.
وتسكر أجنحة الانتظار. انتظار طال أم قصر مرهصا بلقاء قريب.
هي العصافير تحنو على صفصافة السمر، مثلها العشاق وأطياف القلوب.
غدًا، يزهر المطر. يرمق الندى أعشاش العصافير، في ربيع القلب.
غدًا لناظره قريب قرب الغمامة من الريشة العازفة على شرايين الوتر.
غدًا يسمو الندى خفاقا، وفي البال أريج الخفقات.
كيف يرقص اللحن كطائر الندم؟
كيف تُختصٗر أقلام الألم؟
ميراي عبد الله شحادة،
أيتها الساكنة حنان أب جريح، ألم تُرْوٖك الدموع الخرقاء؟
كم تاق لملقاك النسيم الخمري الهنيهات!
كم انتظرنا معك الياسمين المعطر بدفء الهينمات!
عميق جرحك أيتها الخنساء الأبية، في مراميك الطوال.
جرحك الطائر المذبوح بأنصال العدم.
جرحك طاقات الأنين، في أصص النسيان المهجورة.
يقولون: لا نشرب من مياه النهر مرتين. ولكن أنهار أحزانك والتفاؤل تفيض علينا بآيات النرجس والدحنون.
لا حدود بين ريشة حزنك ووتر البيلسان النيساني.
لا حدود بين إشراقات الندى وأشواق الوفاء.
أيها الشاعران العاشقان بردة الموج العرفاني، وخرقة الأمل السندسية الأقلام، رائع لقاؤكما والفراق. باذخ وداعكما والعناق.
وفي سُوٗر التلاقي وزهوة البرّاق، يراعةٌ تشهد انخطاف الأنا، في عرس الآخر.
أيتها العروس في ثوب إبداعها المزركش بالألحان، لأنت فخرنا والقدوة، في برارة البنوة الكورية الخضراء.
بين عبر القلب وعبر الصب جناس حب ووسام وليمته الحياة.
متى تزهر أناشيد الدجى الفيروزي النغمات؟
متى تسافر أرواحنا، من جديد، إلى أبعد من حدود الذكريات؟
وحين تقررين أن تطيري، فراشة الصداقة العنقاء، يفوح أريج جناحيك، على وقع قلوبنا الهاتفة كالرجاء.
وعلى خرير نهري كوثر الألق، تشرق زيتونة الأرق، في كنف بحار المسافات العاريات كنجوى رياحين التلال، في الكورة الخضراء.
ست وثلاثون ربيعا فاحت وباحت وما استراحت. ونجمة الصبح ألق الفداء.
ميراي عبد الله شحادة، كم يليق بك الوفاء، يجري في عروق المبتدا والخبر. لك الطوبى وللراحل الوالد أسفار الخلود والنقاء.
( د. جوزاف ياغي الجميل)