” لا…” – الجزء الأول – سلسلة من رواية للكاتبة جمانة السبلاني ( خاص موقع ” ميزان الزمان ” )
..بعد قصة ” حقيبة سفر ” وحكاية ” أناي ” تطل علينا الكاتبة والشاعرة جمانة السبلاني في سلسلة روائية جديدة تحمل عنوان ( لا…) لتنشرها حصريا على موقع ” ميزان الزمان ” الأدبي والفني في لبنان .
.. حكاية ( لا…) تروي مسيرة الفتاة وداد وسط غابة إجتماعية مظلمة وظالمة مكبلة بالتقاليد والعادات السائدة التي تنظر للمرأة نظرة دونية في المجتمع الذي يحاول تهميشها واستغلالها بشتى أنواع القهر النفسي والجسدي .
هنا الجزء الأول من ( لا…) :
شتاءٌ دائم ..
حالةُ هدوءٍ مُميتة ، مللٌ ورتابةٌ ، فِكرٌ مُبعثَرٌ جدّاً ، قدَرٌ أحمقٌ حمَلَها بعيداً في كأسٍ مكسورِ القافيةِ والوَزن ..
وداد .. فتاةٌ تخطّت عِقدها الرّابع ، صَنمٌ مُجتَمَعِيٌّ لطالما تحمّل نظرات الشّفقةِ والشّماتةِ المُتعارفِ عليها، نظرات الحقد لكل من ينتظر كَبَوات الفرس المُراهَنِ عليه، بينما هي الأكثر جمالاً في الدّائرة المحيطة بها من النِّساء . نظراتُ الشّفقة لديهِنّ ، لم تُنقِصها خلقاً ولا أدباً ، فالأمرُ الذي يفتقِدنَهُ يجعلها تَراهُنّ هُنّ غيرَ المحظوظات ..
لم تكن أنثى غير مرغوبة ، لكن نصيبَها لم يأتِ بعد ، أين المشكلة .. فليتأخّر قدر ما يشاء وليكُن بقاؤها بلا زوج امتدادٌ لأحلام وهبَها الله فيها أياماً إضافِيّةً تكسر فيها كل الأصنام ، كل التفكير البائد ، كل المَوروث وتصبح أنضَجَ وأنفَع …
جلَسَت ترقب الضّباب وهو يزحفُ نحوَها ، رذاذُه المُتدحرِجُ دغدغ أنفها ، محاوِلاً افتِعالَ ضَجّةٍ ما داخل روحها المُرتَقِبة ، حاملاً معه ظِلّ سحابةٍ يتيمة ..
على حينِ غَرَّةٍ ، علَت صيحَةٌ في داخلها، صيحة من استفاق من نومٍ طويل ، تثاءب ، ثمّ وجد نفسهُ ميتاً وملقىً في زاويةِ مركبٍ تائه …
لقد أودَتِ الذّكرياتُ بعافِيَتِها ، حلَّقَت بها ، كطائرٍ عبَرَ المحيط دون أن يجد شراعاً يرتاح عليه …
ثمّ تتالَت أصواتٌ تردَّدَ صداها كلَحنٍ جميلٍ ، كترنيمةٍ هادئة ، كنَغمةِ خَلاصٍ طفَت بالقُربِ منها كأمَلٍ عليها التّشَبُّثَ به علَّهُ يحملها إلى بَرِّ أمان …
لكن شعورها بالنّجاة انقلب فجأة إلى الشّعور بالخطر . حتّى السّماء ، صمَّت آذانها ، فلا من رجعِ صدىً ولا من مُجيب ..
كانت كَغريقٍ يستميتُ للوُصول إلى البَرّ فوَجَدَ نفسه في أرضٍ مُعادِيَة ، فجَثَم ينتظر أن ينقَضَّ عليه جُنود الأعداء ..
كم حدث أن اعتذرت لِنفسِها لِما اقترَفَهُ خوفها وحياؤها . كم مرّةً أمطَرَ قلبها على أرضِ اللسانِ فنبتت بُذور حروفٍ لم تحمل إلا الألم .
كم من أصناف باهِرَةٍ من فواكِهِ الرّياءِ وثمارِ التّجاهُل أينَعت في بساتينِ قهرِها …
قامت بمحاولةٍ جَسورة للوصول إلى ربيع دائم يُخرِجُ روحها من شتاءٍ لا نهاية له ، فهي لم تعرف الألوان .. وكأن قلبها سَحابةٌ تنتظر عيون المُنادمين ، يُوارونَ سوآتِهِم ، يُشيرونَ إليها بأفواه تتصدّعُ لهفاً وظمأً لتلك الفاكِهة .. سحابَةٌ حمقاء تقطُن آفاقاً مُظلِمة في مكانٍ بعيدٍ .. بعيد …
كانت قاتِمةً كلَيلٍ طويلٍ ، لا فجرَ له …
كان شتاؤها دائم ..
أقبل الليل ، فتقدّم نحوها بسكون مُخيف . من حسن حظها ، لم يكن ثمة قمر في السّماء ، التي بدَت فاحِمَة السّواد . حاول الوصول إليها كما كان يفعل دائماً ، دون أن تدري ..
ولَجَت مدخل بنايةٍ لم تعرفها كي تتوارى عن الأبصار . كانت سلالمها غير نظيفة بشكل ملفت جداً .و كانت علامات الأحذية منثورة على الغبار الكثيف كلوحةٍ غَوغائية على جدارٍ مليءٍ بالشُّقوق ..
شعرت برعبٍ شديد ..
لماذا ؟ من هو ذاك الذي سبّب لها كل هذا الخوف ؟؟؟؟
( يتبع في الجزء الثاني )
# ( جميع الحقوق محفوظة للكاتب والناشر )

مشوقة وممتعة جدا، شكرا لأناملك على هذه القصة،بإنتظار التكملة بإذن الله بالتوفيق يا غالية
حبيبتي الغالية هبة دياب
كم مرة امطر قلبها على حروف اللسان فنبتت بذور حروف لم تحمل الا الالم………من اجمل ماشدني وعمق في التعبير….
أختي الحبيبة ام فادي ، القارئة الأعمق ، باقات حب ونبض القلب أنتِ


روعة الحرف وانسجام الأحداث
دمتي متألقة عزيزتي