الجزء الرابع عشر من المقال النقدي خصائص المنهج النقدي عند طه حسين:
برغم ما واجهه “طه حسين” من غضب المحافظين وعنتهم، فقد قرر، السير، حثيثا في مواصلة النقد المبني، على أصول ذهنية عقلية بعيدا كما أكد “عن السهولة والسذاجة” ( حديث الاربعاء ج 3 ص 219)
ولعل هذا الترفع عما اسماه السهولة والسذاجة في دراسة النصوص، الأدبية كان هو المعين الذي، استمدت منه كتاباته قوتها وبقاءها دون أن نغفل مسيرته الحافلة بالاطلاع على التيارات والتظريات النقدية التي تقاذفته وقد كان لها دون أدنى شك أثرها البالغ في تشكيل فكره الأدبي والنقدي وتأسيسه منهجيا
لقد كان هم “طه حسين” تطبيق الدراسات النقدية الغربية على الأدب العربي فكان كما بين الباحث
“أحمد علبي” :” تجريبيا في نقده يتوسل اراءه التجديدية من معين التاريخ الأدبي الأوروبي على تنوع مصادره وتباينها ويحاول بهذا الزاد المعرفي الغربي أن يدرس النتاج العربي قديمه وحديثه” ( انظر” أحمد علبي :طه حسين” سيرة مكافح عنيد سلسلة “رواد التقدم العربي” دار الفارابي، بيروت لبنان ط1 1990 ص 78) لقد أفاد” طه حسين “من النقاد الغربيين مجموعة من الأعمال التطبيقية الإجرائية تمثلت في : حافظ وشوقي، (1933)
الحياة الأدبية في جزيرة العرب (1935) من حديث الشعر، والنثر،(1936)
مع المتنبي (1936) لحظات (1942)
فصول في الأدب والتقد(1945) مرآة الضمير الحديث (1949)
ألوان (1952) بين بين (1952)
خصام ونقد(1955) نقد وإصلاح ( 1956)
أحاديث (1957) من أدبنا المعاصر (1958)
كلمات (1967) خواطر (1967)
وقد سعى في كل هذه الكتابات الإجرائية إلى التبشير بالحرية اي حرية الأديب في اختيار المواضيع والقضايا وحرية، الناقد في اختيار طريقة تحليل الآثار الفنية والأدبية وتقييمها وتذوقها
ومن هذا المنطلق دعا بالحاج إلى ضرورة تخليص الأدب والتاريخ العربيين من طابع التقديس ليسهل اخضاعهنا للمناهج النقدية الحديثة دون قيود او عوائق تقف حائلا امام الناقد تمنعه من الدراسة الفاحصة النافذة المتحررة للاثار الأدبية
هكذا كان طه حسين من رواد الحركة التجديدية في النقد لذلك عمل كما بين الباحث ” عبد الحي دياب ” :” على ترقية الأدب بالنهل من الوان العلم والمعرفة” (انظر عبد الحي دياب :” التراث النقدي قبل مدرسة الجيل الجديد دار الكتاب العربي للطباعة والنشر القاهرة 1968 الباب الثاني” حركة التجديد ص 67)
كما دعا، إلى أن” تبنى الدراسات الأدبية على الاستقراء والتمحيص والموازنة وتبين العلل والأسباب اعتمادا على النقد، المنطقي والاستنباط الدقيق باعتماد المقدمات الصحيحة والنتائج الراجحة، “( انظر أحمد الشايب
” أصول النقد الأدبي القاهرة 1955 الفصل الثامن ص 92) ومن هذا المنطلق، قام النقد عند طه حسين على الدراسة التاريخية الفنية التي تعتمد،أعمال العقل والمنطق حتى يستطيع الناقد، تفسير، الأدب والحكم، عليه بعد ذلك حكما صحيحا دقيقا منطقيا وهنا يمكننا الإشارة إلى محاولة “كارلو نالينو ” في، دراسة الأدب العربي التي تعتبر في راينا أفضل تطبيق للمنهج التاريخي في الدراسات الأدبية وهي عبارة عن مجموعة من المحاضرات التي ألقاها في الجامعة المصرية القديمة في عامي 1910 و1911 وقد جمعت بعد ذلك في كتاب بعنوان “تاريخ الآداب العربية “عالج فيها” نالينو” الأدب العربي في الجاهلية حتى عصر بني أمية وهي كما قال “طه حسين” :” في مقدمة الكتاب ص 12 :” إنها دراسة منظمة للأدب العربي القديم تقوم على أساس الموازنة بينه وبين الآداب القديمة الكبرى وتهدف إلى أن الحياة الإنسانية تتشابه وتتقارب مهما تختلف، ظروفها، ومهما يتنوع ما اختلفت عليه من الخطوب ” و لطالما وجدنا” طه حسين” يعتمد أقوال “نالينو” ومواقفه حججا وادلة يدعم بها دراساته حول الأدب العربي القديم مما يؤكد لدينا تأثره الشديد بمنهجه في النقد (انظر طه حسين” الأدب الجاهلي صص 22/36)
(الدكتورة الناقدة مفيدة الجلاصي)