# الجزء الثالث عشر من المقال النقدي خصائص المنهج النقدي عند طه حسين من خلال حديث الأربعاء.
# بقلم الناقدة والباحثة الدكتورة مفيدة الجلاصي / تونس :
خاتمة المقال في جزئه الأول:
إن البحث، في المنهج النقدي عند طه حسين ليس،يسيرا لانه يتطلب، من الباحث الدقة والتدقيق ذلك أنه ما يطرحه من مسائل وقضايا في كتاباته الغزيرة ذات الأجناس، الأدبية المتعددة معقد ومتشعب
ولقد حاولنا بهذا المقال ان نقف على بعض سمات خطابه النقدي في كتابه “حديث الأربعاء” باجزائه الثلاثة فوقفنا على بعض القضايا التي ميزت هذا الخطاب السجالي المستفز وهي قضايا تعكس نظرته النقدية للأدب، والفن هذه النظرة التي تعتمد الأناة والتمحيص منهجا لها في معالجة النصوص الأدبية وما يحف بها من ظروف اجتماعية وتاريخية لأنه كان ينشد في المستوى، النظري، الانتفاع بنتائج الدراسات الإنسانية والعلمية، فأقر قاعدة فنون الأدب، ولا، سيما الشعر، الغنائي،باعتماد الدارس على شخصية الشاعر، قبل كل شيء أما في المستوى العلمي أو الإجرائي فإنه درس، الشعر، العربي ولا سيما الغزل منه في صدر الإسلام على أساس، سيكولوجي اجتماعي فوازن بين القصص، الغرامي وحلل شخصياته تحليلا نفسيا كما درس
“حافظ” و”شوقي” وحاول النفاذ إلى طبيعتيهما ومزاجيهما وعلاقة كل ذلك بشعرهما وعبر هذه الموازنة جعل من ذوقه ومعرفته غرضا من نقده فسعى إلى فهم شخصية الشاعر أو الكاتب وعصره وفنه ارضاء لشعوره وعقله عند قراءته للشعر ونقده وهنا نقف على مكمن الطرافة والجدة في مواقفه النقدية من مسائل أدبية مختلفة
ومهما يكن من أمر فإن هذه المواقف التي، يطالعنا بها “طه حسين” في الفن والأدب والنقد لا يمكن عزلها عن ظروفها التاريخية في سيرورتها الفكرية في مرحلة النهضة في فترة اتسمت بظهور تيارات فكرية أفرزتها صراعات سياسية ولعل أهم هذه التيارات الفكرية التيار الفكري السلفي الداعي إلى الإصلاح بالنهل من السلف الذين يعتبرون الأوائل في فهم روح الدين وحقيقته بزعامة
“محمد عبده” ثم تلميذه “رشيد رضا”
أما التيار الثاني، فهو “التيار، الفكري الوطني، الليبرالي الداعي إلى الأخذ، بمفاهيم العصر واقتباس أسباب التفوق الأوروبي” (انظر، أحمد بو حسن “الخطاب النقدي عند طه حسين /القسم الأول المكونات الأساسية للكتابة النقدية عند طه حسين ص23/ ص72) ولقد كان من الطبيعي” أن نخبة من أولئك الشبان الذين تلقوا دروسهم، في سلك التعليم العلماني واستكملوه في أنجلترا أو في فرنسا وعلى رأسهم” أحمد لطفي السيد” وبشكل اقل” مصطفى كامل” أن يتأثروا شديد التأثر بالحياة الفكرية المتطورة في الغرب، (انظر يونان لبيب رزق” الحياة الحزبية في مصر، في عهد الاحتلال البريطاني (1882/1914) مكتبة الأنجلو المصرية /القاهرة 1970 ص 121) ولغل هذا ما حدا بطه حسين إلى التعبير عن نظرته الجديدة للأدب فصرح قائلا” فأنا لا أفهم الأدب العربي كما كان يفهمه القدماء وكما لا يزال يفهمه أنصار القديم من ادباء، اليوم وأنا لا أحكم على الظواهر الأدبية كما كان يحكم عليها القدماء وكما لا يزال عليها شيوخ الأدب في أيامنا وإنما أفهم الأدب، العربي وأحكم على ظواهره كما ينبغي أن يفهمه أهل القرن ويطمع فيه أهل هذا القرن ويرى كيف يفهم الاوروبيون ادب اليونان والرومان وغيرهم من الأمم القديمة وهو لا يقلدهم ولا يتكلف محاكاتهم وإنما كذلك فطر “(حديث الأربعاء ج 3 ص 24ص/25)
ولقد دفعته حماسته لهذا الاتجاه الجديد إلى أن يكون جريئا بل وعنيفا في احكامه النقدية لا يعير اهتماما لما تلقاه تلك الأحكام من ردود فعل المحافظين فيقول” وإني مع الأسف الشديد مضطر إلى أن أغضب هؤلاء، الأدباء،… و أؤكد لهم أني لا أتعمد ذلك ولا أرغب فيه وإنما يصطرني البحث اضطرارا وتكرهني عليه مناهج النقد أكراها وما زلت منذ، بدأت أحاديث الأربعاء أغضب طبقات من الناس حتى أصبحت لا أدري أي الطبقات يرضى عما اكتب ويطنئن اليه”( حديث الاربعاء ج1 ص 173)
(يتبع)
(الدكتورة الناقدة مفيدة الجلاصي)