الجزء السادس والأخير
حول حكاية (أناي)
للكاتبة جمانة السبلاني
# ( بقلم الكاتب يحيي باجنيد / جدة ) :
أودع الله بذور حُب الحياة داخلنا لتنبت ، وتتحول الحَبَّة الى برعم يتفتح و يُزهر حُبََا .
كيف تكون علاقتنا بالآخر، هل الآخر هو الشر كله الذي توحي به غربة النفس التي جعلت هذا (الضد) داخالنا يؤرقنا و يسرق فردوس عشقنا ؟!
تحضر كل أشيائنا في لحظة
و تتجمع، يستدعيها الشوق والحنين لمن نحبهم ، لكن تأتي الغيرة بنزق – لاإرادي – من وله روحنا الهائمة على وجهها في سطوة المخاوف والظنون .
إنها اللحظة التي تتوقف فيها كل الساعات و لا تبقى إلا عقاربها المؤلمة .!
تحركنا مخاوفنا في الاتجاه الآخر تجعلنا غرباء حتى عن أنفسنا ونخفي كثيرًا مما نحب .!
كان الباعث لهذه المخاوف أقوى من بطلة هذه الرواية .. وقد ظل غبار أرفف الذكريات كافيا لكل هذا ، صحيح أنها لم تفصح عن عذابات طفولتها، لكن اشاراتها العابرة اليها، كافية لجعل هذا العذاب ملازما لها طالما عبث بأشيائها الجميلة.
كيف يمكن لزهرة غضة أن تنبت في حقل الصبار، بينما تنام الأشواك ملء جفونها لا توقظها حتى الشمس :
“صليت كي تعود إلَيَّ طُفولتي . طُفولتي التي اغتيلت ذات شتاء، طُفولتي التي عشعش فيها الصّقيعُ وامتَدّ لِأطرافي مُعلِناً مَوتي مدى الحياة” …
…
تجلت للكاتبة صورة (يائها) على حقيقتها، فهذه التي كانت ضدََا لم تكن سيئة قط ، بل كانت عيونها التي ترشدها بدافع الحب إلى الأصوب . كانت هي ضدها والضد في جنس الشيء الواحد ليس عيبا، بل كثيرا ما أظهر جمال ضده، كجمال اجتماع سواد العين في بياضها .!
هاهي تقول عن أناها :
فاجأتني مرّة كعادتها بسؤال :” ماذا لو جلستِ لفترة طويلة من عمرك في غرفة فارغة لا يوجد فيها إلا طعامك، لا شيء تفعلينه، أو شخص تحدثينه، أو أي طريقة لقضاء الوقت دون أن يخالطك الجنون ؟ ”
وأردفت قائلة قبل أن أُجيب :” لقد حفظتك ككِتابٍ، عن ظهر قلب لكثرة الملل الذي كان يحيط بي .. ”
…
هاهي تتواءم مع ضدها المُحِب، و كأنها تقول ليائها “أناتها و مرآتها” ببوح فيروزي النزعة والهوى :
“يا رفيقى نحن من نور إلى نور مضينا
ومع النجم ذهبنا ومع الشمس أتينا
أين ما يدعى ظلاماً يارفيق الليل أينا
إن نور الله في القلب وهذا ما أراه” .
…
شكرا لصديقتي الكاتبة الأستاذة جمانة التي أتاحت لي فرصة القراءة و الاستمتاع بمتابعة روايتها حكاية (أناي).. و الشكر الجزيل لإدارة “ميزان الزمان” و تقديري لعناية واهتمام صديقنا الأستاذ يوسف رقة، مع تحياتي لجميع الأعزاء هنا …
لله درك فارسة القلم