يينشر موقع ” ميزان الزمان ” القسم الثاني من قراءة الكاتب السعودي يحيي باجنيد لأجزاء من حكاية ” أناي ” التي تكتبها الشاعرة جمانة السبلاني ِ…وهنا القراءة :
يحيي باجنيد
من وحي (أناي) .!
للكاتبة : جمانة السبلاني
– ٢ –
في منطقة و سطى بين الألم و الأمل يحيا الأنسان .. بين نسمات الربيع الوادعة، و بين الجو الماطر و الإعصار .
نهار و ليل، “و الشمس و القمر بحسبان”، لهما في حياتنا حضور و حياه ..
و في رحلتها مع الألم تغزل أحلامها على “وجه القمر” .. و تأخذ من وهج الشمس فرحها .. و من دفئها الطمأنينة .. و من مسارها الطويل – من الشرق إلى الغرب – آمالا بلا حدود .
الذهب يبهر بريقه العيون، و يفتح كل بوابات الأمنيات ..
هو بالنسبة للناس ثروة، تجعل أحلام صاحبها – مهما تعاظمت – متاحة، يقول له خادم مغارتها : “شبيك لُبيك الدنيا بين يديك” .!
اما هي فلا يبهرها بريق الذهب، فإن كان في كل العيون “يلمع” فانه بالنسبة لها يمزِّق و يقطع .!
“كنتُ أتسمَّرُ خلفَ الكَنَبَةِ . أستَرِقُّ النَّظَرَ ، ثُمَّ تتعثَّرُ نَظَراتي حين كانت ترمُقُني كأنّها تقول : إين ستختبِئين ؟ إنّني أراكِ … “
لم تكن المرَّة الأولى التي رأت فيها هذه “البصَّارة” السمراء، فكثيرا ما كانت تداهمها في الصحو و المنام، بأسنانها الذهبية، كجاثوم يصعب الفكاك منه .
….
هاهي مخيلتها تجلب إليها زوارا غرباء في أشكالهم و في ملابسهم .. رجلان و امرأة يسوقانها لرحلة لا تعرف إلى أين ، لكن ها هو اصرارها يهزم مخاوفها باستحضار حدث أكثر حميمية حدثا مبهجا يبدد كل صور خيالاتها :
“أحسست بأنّني قد شمَمتُ رائحة أُمِّي … هل يُعقَلُ أن يُدرِكَ الإنسانُ رائحة من يُحِب” ؟
لم تتحدث عن أمها كثيرا ، لكن يكفي أن تريك – مع رائحة أمها – حدائق ذات بهجة ..
أشجار الليمون الزاهية برائحتها العطرية .. أرجوحتها و كتبها و ألوانها .. أترابها الصغار تحت الأشجار، يجيؤون و يذهبون .!
….
!
ترى لو كانت لها (انا) غير هذه هل يمكن أنت تكون أكثر بهجة، أكثر انفتاحا و تسامحا مع ما حولها و من حولها، أم أنها اختارت (اناها) لتكون شطرا مستنسخا منها ؟!
هكذا الانسان لا يبقى على حال واحد هذه هي الحياة بمناخاتها
يمر الحزن ويعقبه فرح .. و ينبغي ان يكون لنا تدخل فيما يعرض لنا في الحياة مهما كان قاسيا ، هي تستحضر كل ما يمر بها ولا تنكر وجوده، لأن تجاهل الموجود يبقيه حيا ليكبر و يتمدد .
و مهما اختلطت الأصوات، و تفاوت جمال “الاخريات”، فصوت الأنثى داخلها يعلو .. تريد أن تبقى جميلة بما يكفي لتعجبه .!
تحاور أشياءها، تأخذ منها و تعطيها .. كأنها كائنات حية تقول : انا هنا معك ، اخصك، اسمعك .. افهمك و أحبك .!
#( يحيي باجنيد / جدة )