ِِيواصل موقع ” ميزان الزمان ” نشر سلسلة دراسة الدكتورة مفيدة الجلاصي حول حديث الأربعاء للأديب المصري الكبير طه حسين ..وهنا الجزء الثالث من المقالة :
حديث الاربعاء وعملية التأسيس للكتابة النقدية:
تمثل الكتابة التأسيسية للنقد عند
“طه حسين” مرحلة هامة في مسيرته الأدبية في المجال النقدي من خلال مجموعة من الدراسات النقدية كانت علامة بارزة في حياة عميد الأدب العربي الفكرية
ولعل أهم هذه الدراسات “من حديث الشعر والنثر” حيث، وضع الأدب العربي مع الآداب الإنسانية الكبرى (اليوناني والعربي واللاتيني)
وجعله في المرتبة الثانية بعد الأدب اليوناني وقد اخذ عليه “زكي مبارك” و”أنور الجندي” اعلاء شأن الأدب اليوناني على الأدب العربي (انظر أنور الجندي “طه حسين، حياته وفكره في ميزان الإسلام (دار الاعتصام 1976 ص:169)
ثم في كتاب” في الشعر الجاهلي “الذي أصبح” في الأدب الجاهلي “وقد ألف” طه حسين ” في الشعر الجاهلي سنة 1926 وبعد الانتقادات التي تعرض إليها الكتاب ادخل عليه بعض التعديلات وأصدره سنة 1927 بعنوان” في الأدب الجاهلي”
ثم مقالاته المجموعة في كتاب
“حافظ وشوقي” وقد أخرجه سنة 1933 وهو مجموعة من آراء ومقالات نشرها في” السياسة الأسبوعية ” و” المقتطف” ما بين 1922 و1933 وفيه أول مقالة من مقالات “حديث الاربعاء” وكانت بعنوان ” البؤساء”
كما ظهرت في هذه المرحلة التأسيسية في كتابات أخرى تمثلت في مجموعة من المقالات المتفرقة موضوعها الأساسي متعلق بقراءة النص، العربي وتعتبر ذات دور هلم في ابراز الكتابة النقدية التاسيسية إلى جانب ما ذكرناه من كتابات برزت في كتب مستقلة ومنه هذه الكتابات المتفرقة “ضمير الغائب في القرآن” وهو نص لعرض ألقاه “طه حسين” في مؤتمر المستشرقين، الثاني عشر باكسفورد سنة 1928 وقد كتبه بالفرنسية ولم ينشر بالعربية وعنوانه De, l emploi dans le Coran du prénom personnel de la troisième personne Demonstratif
(Paris 1928)
وقد حاول ان يجمع فيها العناصر الأولية التي تمثل اساسا لكتاباته النقدية باعتبارها محاولة لقراءة النص العربي تكشف عن رؤية “طه حسين” للتاريخ الأدبي العربي وتنير معالم مشروعه النقدي لذلك تتضح لنا عبر هذه المقالات رغبته في
“قراءة النص العربي قراءة واعية بألوان الآداب الأجنبية التي لا يقل الأدب العربي عنها أهمية” كما صرح هو نفسه في كتابه “قادة الفكر”
(مطبعة الهلال.،القاهرة 1925 ص 169)
ان هذه القراءة الواعية بأهمية الآداب الأجنبية تدفعنا حتما الى البحث في المنهج الذي اعتمده
“طه حسين ” سبيلا لدراساته وبحوثه النقدية لا سيما في” حديث الاربعاء ” وهو منهج متسم بنظرة تاريخية واضحة لقراءة النصوص الشعرية العربية ولذا حاولنا من خلال قراءتنا ل”حديث الاربعاء” بأجزائه الثلاثة ان نقف عند حقيقة اساسية تتمثل في أن “طه حسين” جمع أحاديثه وفقا للمنهج التاريخي فقد جمع الأحاديث الخاصة بالشعر الجاهلي وصدر الإسلام في الجزء الأول والأحاديث الخاصة بالعصر العباسي جمعها في الجزء الثاني اما الأحاديث الخاصة بالأدب الحديث فقد جمعها في الجزء الثالث
على أن هذه الفصول تعبر في جوهرها عن مذهب صاحبها وهي كما يقول “متحدة ومؤتلفة ومهما تختلف فروح الكاتب فيها واضح بين ومذهب الكاتب فيها ظاهر جلي وغرض الكاتب فيها لا يحتاج إلى أن يدل عليه” (حديث الاربعاء ج1 دار المعارف، القاهرة ط 15 ص 7)
(يتبع…)
# ( الدكتورة الشاعرة والناقدة مفيدة الجلاصي)