على هامش مقابلة مع الشاعرة د. ساندي عبد النور , أجراها الكاتب والاعلامي صبري يوسف على منصته الفيسبوكية , كانت مداخلة للكاتب يوسف رقة حول ” الحزن والحب في شعرية د. ساندي عبد النور ..
-×-×-×-
كتب يوسف رقة :
” أنا و حزني واحدٌ ” !!…هذا ما تقوله دكتورة ساندي عبد النور في الجزء الأول من قصتها ” على متن الابحار ” .. لكن حزنها المجبول بحبر من الشاعرية سرعان ما يتحول الى وهمٍ مع ولادة كل قصيدة من قصائدها بالعربية أو الفرنسية ..وتقول في قصيدة ” سأحمل قهري وامضي” :
أفنيتُ عمري أهدي ودّي
أوزّع بكرمٍ قمح الشعرِ
أفنيتُ عمري أمنح من وجدي
و ألد النغم من رحم الحبرِ
وفي قصيدتها ” الوهم ” أو Chimère التي كتبتها بالفرنسية تحمل ساندي عبد النور صليب الجلجلة على درب الآلام حيث ترى الوجود غارق في الشر اللانهائي فتقول ما معناه بالعربية :
“أمشي في هذا العالم بألم مرير
أحلام في عذاب
والشر اللانهائي”
لكن الشاعرة تجد المتنفس في عشقها للغة العربية , حيث تقول في قصيدة ” أحبها ” :
تسألونني بعد لمَ أحبّها ؟ ..
أحبّها فهي ملهمةً…
تجعل منكَ شاعراً
أحبّها فهي منقذةٌ…
تجعل منكَ ناجياً
أحبّها فهي معتقةٌ
تجعلُ منكَ حُرّاً،
توّاقاً لقيودها…
شغوفاً، مدّمناً…
و من غيرها..
إنّها اللغة العربية
وللبلاد والوطن حكاية طائر الفينيق الذي ينفض عنه الرماد لينبعث من جديد ففي قصيدة ” لبلاد تعاني القهر ” تقول :
بكمشة صبر
و نفحة حرفٍ دافئ
ستنهضُ من رمادٍ
حَجَبَ عنها العمر الهانئ
لتنغرسَ في موطن آمن
لفرط ما عُمِدَ بالجمر
استحال إلى نسر ..
وتفقد الشاعرة كل أمل في المستقبل وتعتبر بأنّ الزمن الآت قد جرفته الريح , حيث تقول في قصيدة ” معلّقة على المشانق ” :
العمرُ يلفُظُ أنفاسَه الأخيرة
فالبلاد الجميلة غدت حظيرة
الأولاد في الحارة العتيقة
حزانى غادرت صدورهم الحقيقة
يخبئون في جيوبهم الممزّقة
تطلّعات نحو آتٍ جرفته الريح
في الحب تقاوم الشاعرة بشراسة , وتقول في قصيدة ” راقصة الباليه ” :
خُلقتْ لترقص بساقين من ذهب
تركض بهما دون أن يهدّها التعب….
لتنتزع من غيمة نائمة…
قطرات حبّ ظلت عائمة
في نزيف الوجع …
الشاعرة ساندي عبد النور التي لها كتابات في القصة القصيرة وقراءات نقدية في الشعر والمسرح , نجد في تجربتها الشعرية النثرية لغة السهل الممتنع التي تنبع من دواخلها الشفافة , فهي لا تهتم للأوزان والتفاعيل وإن كانت في بعض القصائد تذهب الى روي السجع دون التزامها التام بجميع أبيات القصيدة , فنجد قصيدتها لا تعبّر إلا عن ساندي عبد النور وأحاسيسها المرهفة .
نجد في قصيدتها تلك التعابير الانسانية عن حالات الوجد والفراق في آن , ولا تستطيع أن تتغاضى عن الصراع الأبدي بين الفقراء و الطغاة . هي تقول ما تشعر به بصدق دون أن تتدخل في تجميل صورة القصيدة أو أن تبحث عن بنيتها الايقاعية , فلا شيء يهم عندها سوى الكلمة التي تعبّر عما يختلج قلبها لترسل إلى المتلقي نبضها الخاص ودهشتها الخاصة .
فماذا ” لو غضبت ليليت” ؟ نختم مداخلتنا مع مقطع من تلك القصيدة التي تقول فيها :
هي ليلكية في حزنها
حشيشية في حرفها
تطعمك أطنان نجوم
و تزيح عن ذعرك الغيوم
د. ساندي عبد النور , شاعرة خاصة جدا , تتجوّل في قصائدها بين الأرض والانسان وأطنان من النجوم بين السحاب في السماء ..لها تحيتنا ..
( يوسف رقّة / رئيس تحرير موقع ميزان الزمان الأدبي في بيروت ).
الشاعرة د. ساندي عبد النور