المسلسلات العربية والمدبلجة :
بين الوعي والندم .. شعرة
من المؤسف ما وصل له حال المسلسلات اللبنانية من نشر لثقافة مدمرة أخلاقياً.. فمن المنطق أن يكون المسلسل قصة تصوّر واقعنا وتحاول تحسينه بالارشاد ونشر الوعي .. ولكن ما نراه هو العكس حيث يُظهرون مجتمعنا بشكل معيب ومشوّه .. إذ قلّما نجد مسلسلاً يحاكي الواقع بشكل موضوعي وأخلاقي دون دسّ بعض البهارات والفلفل من خيانة وقتل وعرض المفاتن ( وهنا بات الشباب أكثر تنافساً على عرض مفاتنهم من الممثلات ) .. وباتت المسلسلات عبارة عن قنابل لا أخلاقية .. لا نعرف في أي ثانية ستنفجر أمامنا بمشهد ساخن ومثير لزيادة الابداع بمفهوم المنتج والمخرج التجاري .. فباتت أكثر المسلسلات عبارة عن مشاهد في نادٍ ليلي وعرض مجاني للفساد الأخلاقي .. ودروس خصوصية في العلاقات المحرّمة و الزنا للبالغين وحتى الأطفال .. يتعرف من خلالها الأبناء على كل ما هو محرّم شرعاً بالصوت والصورة وبموافقتنا أو عدمها .. ذلك أن لا رقابة تحكم العرض مع ما يتناسب مع الذوق العام وتوقيت البث .
وبعد أن كانت مسلسلات الزمن الجميل عبارة عن ثلاثة عشر حلقة .. قفزت مع الهجمة والمنافسة الرمضانية إلى الثلاثين .. ومن جزء واحد إلى تناسل سنوي حسب الطلب والربح .. وعدد المشاهدين والقنوات التي تتنافس على شراء المسلسل قبل غيرها .. دون الاهتمام بالمضمون أو المعايير الأخلاقية التي تتناسب والبيئة الاجتماعية وحتى الدينية للشهر الفضيل.
والأغرب من ذلك .. أن المتابع ( رغم التزامه الأخلاقي و الديني ) .. نُفاجأ به يتابع الحلقات ويتفاعل معها .. ويتأثر
بحزن عميق على فتاة يصعب عليها لقاء عشيقها .. وينتظر متشوقاً للحلقة القادمة هل سيكتشف العم أو الزوج خيانة زوجته أو ابنته .. أو يرقب حفلة عرس مليئة بالمنكرات من رقص ومجون وسفور وأكواب خمر زيّنت الطاولات حتى أعتادت العين رؤية المنكرات وكأنه بات بالأمر البسيط و المباح .. نحن مع الحرية الشخصية الخاصة لكن ما نرفضه هو تعميم هذه الصورة غير المقبولة عند البعض .. والتي أفسدت أخلاق الكثيرين من شباب وفتيات.. وحتى أمهات وآباء داخل بيوتهم .. ولا أستبعد أنها ساهمت بشكل ما في حدوث حالات كثيرة من الشرخ العاطفي بين الأزواج أدّت بهم إلى الانفصال أو الطلاق .. وخراب بعض البيوت العامرة بالأخلاق لفقدان الوعي والقناعة .. وذلك لرغبتهم بتقليد ما يرونه دون إدراك أن ما يرونه سهلاً في المسلسل قد تكون عواقبه على أرض الواقع وخيمة ومرفوضة إجتماعياً وعائلياً ..
ومن هنا أقول .. أولادنا و أخوتنا أمانة في أعناقنا ..و نحن مسؤولون عنهم .. وعلى كل أب وأمّ أن ينتبهوا إلى دورهم فيما يشاهدون ويسمحون لأولادهم بمشاهدته .. لأنكم القدوة والمثال .. ودوركم الأهم هو التوجيه والنصح .. حتى لا يأتي وقت ترون فيه أولادكم يطبقون ما يشاهدونه في حياتهم .. وتندمون .. ولكن بعد فوات الأوان !!
( #دينا_خيّاط )
وصلنا من الناقدة سمر الخوري التعليق التالي : :
مقالة وتعليق
مقالة نقدية للمسلسلات العربية والمدبلجة بقلم الإعلامية دينا خياط :
” بين الندم والوعي ….شعرة ”
شعرة معاوية
” بين الندم والوعي ..شعرة ” مقالة فنية نقدية بقلم الإعلامية دينا خياط. والقلم تجسيد للألم، في عالم ضائع بين الحقيقة والسراب.
نعم، يا سادة، يا كرام. المسلسلات المدبلجة مدعاة ارتياب ، وليس في كلامي أي اغتياب. فأين الحقيقة من الوهم الجميل؟ وأين الخطأ في مساحيق التجميل؟
بين الندم والوعي..شعرة، تقول الكاتبة. إنها شعرة معاوية بن أبي سفيان. إذا أرخوا شددت، وإذا شدوا أرخيت.
ولكن علام نندم، حين يعجبنا شذوذ الرجال والنساء، على السواء؟
ونسأل بكل براءة الأطفال: من المسؤول؟
أتكون وزارة التربية والتعليم هي المسؤولة، أم وزارة الإعلام؟
لا يا أصدقاء، المسؤولية ملقاة علينا جميعا، لأننا حولنا كل شيء إلى تجارة، حتى الأخلاق.
وقديما قال فيلسوف الشخروب: هلاك الإنسان في البيع والشراء. ونحن، بأيدينا، حفرنا قبور أطفالنا، وسررنا بالدماء، نلحسها باللسان، على مبرد الجشع والجهل والأطماع.
عودة إلى المسلسلات الدرامية المدبلجة، فنقول:من شرع لها الأبواب والنوافذ وسلالم الحريق؟
من أشعل النار في الموج الغريق؟
من شجع خيانة الزوج والغدر بالصديق؟
من شجع الحسناء على نزع الحجاب الصفيق؟ إنما الخيانة الكبرى خيانة الضاد، في سوق النقيق.
لغة عربية رديئة. وخصال شقية حتى الموت . أتكون هذي الحال في مجتمعنا الخلاق؟
دبلج دب لج إلى الكرم العتيق.
أي آمال لنا، في بلد الهنا؟ أهذا هو المستقبل؟ ما بنا نقبل أن نباع، نشبه الأتباع، في سوق الرقيق؟
لغة الضاد، أفيقي، في عروقي، من دجى الكهف المضاد، العريق.
صديقة الحرف، نحن على الجرف، في مستنقع الشرق الصديد. فهل نجد فينا، من يسرق النار ، المنار، في قوافينا فلا نحمل الصخرة الكبرى من جديد؟
إنما الأمم الأخلاق…صحيح. ولكن ما الصحيح؟ كيف يسرقنا الفحيح، ولا نستريح، وتغلبنا الريح؟
رياح الغد الآتي، لا تزال في البدايات. نتلهى بأشباح الخيالات، نسلو بالظلال عن البريق.
صديقتي الناقدة دينا، إن أمرنا في أيدينا، فهل نبقى، ونشقى، ولا نرقى سبل النجاة،والثقات، إلى أبد الآبدين؟
متى نصبح نحن، ونحنو، على الإبداع، في بلد اليراع العريق؟
بين الندم والوعي..زرقاء نبية تقرع نواقيس الخطر. ترى الأشجار تزحف كالعبيد، والجمال في مشيها الوئيد.
دينا خياط، نقدك استشراف لمستقبل جديد .ليس فيه أي ظلام ، يحوم فوق الكلام، يهوى الرحيل، ويمطر المستحيل.
كلمات
كلمات
كلمات
والكلمات ليست كالكلمات. إنها لحن الممات، وثغره الراقي الجميل.فمتى يقبل غودو،القدر، وتنتهي سطوة الخدر؟
سمر الخوري
With Dina Khayat