الجزء 4 / من سلسلة ” امرأة الأرض والماء “
للشاعرة والفنانة التشكيلية سليمى السرايري :
حديث الفن
كم أصبحُ سعيدة حين أتفرّغ للرسم وأذهب بعيدا بـألواني وخيالي وفرشاتي، أستمتع بفضاءات جديدة على وقع موسيقى خافتة رقيقة تتسلّل إلى روحي فأتجلّى وأخرج من كوكب الأرض ،وألمحني أطير وقدماي تتأرجحان عاليا…
هكذا حين أدخل مملكة الألوان…
فمن يمتلك في داخله موهبة الفن والإحساس بتفاصيل الحياة الدقيقة، أكيد جدّا ستكون لديه مواهب كثيرة
وعالم شاسع أحيانا يودّ أن لا يعود منه لأنّه في نظري عالما لا تشُوبه شائبة ولا تدنسه الأشياء السلبيّة، خالٍ من الأشواك والجراح والنميمة والسواد .
عالم كلّه سحر ونقاء يعلّمنا بدوره العطاء والحب والتسامح …
هكذا هو عالمي الجميل الذي يبعدني عن واقعنا المتّشح في أحيانٍ كثيرة بالمداهنة والغشّ والنفاق والوجع…
هكذا أجدني في مساحاتي الرحبة أخلق لنفسي وطنا جديدا، لأننا غرباء في أوطاننا وغرباء في مجتمعانا…
لأننا لا نقدر أن نتغيّر بمعنى لا نستطيع أن نتعلّم الخداع ولا نتقن الكذب…
فنّ الرسم سواء كان زيتيا أو مائيّا أو بالأكريليك أو أيّ مادّة نتقنها، هو فنٌ لا يتقنه من ” هبّ ودبّ ” بل فقط الأشخاص الذين لهم ميولات للفنون الجميلة، وموهبة حقيقية.. فهناك من يرسم لكن لا روح في اللوحة التي يرسمها ولا شيء يجذبك إلى خطوطها وألوانها..
نجد في العصامية ما لا نجده في الكادميّة، فالعصاميّة تخلق عمقا ورونقا وجمالا فريدا له بصمة خاصة ..
ذلك العصاميّ الذي لم يتعلّم تحت قوانين الأساتذة بل هو شبيه تلك الزهور البريّة النادرة، التي تنبتُ في غفلة من الوقت وتتوارى فوق الجبال البعيدة.
الفان العصامي هو ذلك الفنان الذي لم يدرس الرسم في جامعات الفنون الجميلة، لكنه يرسم باتقان ، ولم يدخل لآي مدرسة للفنون لكنّه يبدع.
بينما المدارس والمعاهد والمراكز والنوادي تصقل فعلا الموهبة وتجعل الطريق أكثر وضوحا وأكثر حرفيّة..
.. انا عصامية التكوين،أقمت 6 معارض فرديّة،
بعض طلبة التخرّج من معاهد الفنون الجميلة بتونس، كانت أطروحات تخرّجهم تتناول دراسة لوحاتي المتواضعة في نظري..
لست راضيبة تماما عن لوحاتي الموجودة حاليا في البيت/ لأنّي أشعرُ أنّي مازلتُ لم أجد طريقي
ولم أجد ما أبحث عنه بالضبط…
أشياء كثيرة جدّا تظلّ عميقا وبعيدا وحتى نحن أنفسنا لا ندركها….
القصيدة يراها الناقد الأدبي مختلفة عن رؤية ناقد أخر،
كذلك العمل التشكيلي يمكن قراءته من زوايا عديدة و بآراء مختلفة ومتعدّدة….
.. الرسام يتحدّث عن مشاعر وتفاصيل دقيقة جدّا جدّا في أعماله المختلفة..، ينتشي،، يغرق،
فعلا هو الغرق الجميل في اللون والصمت والحب والمشاعر النبيلة التي لم تدنّسها أيادٍ عابثة…
تأخذنا مشاغل الحياة بهمومها وأفراحها وأتراحها غير انّه لا شيء يجعلنا نترك مواهبنا تموت في ركن النسيان مهما كانت الظروف، يمكن أن نعود إليها من حين لآخر حتى ولو في غفلة المسؤوليّات والمشاكل، خاصة فنّ الرسم لأنه في حدّ ذاته بلسما لكلّ أحزاننا ومشاكلنا اليومية وحتى لغربتنا
..
وغربة الذات ، هي الغربة الحقيقيّة لذلك أرى عالم الرسم، الحلّ الجميل للغرق فيه تماما كما نكتب يومياتنا حين تضيق بنا الأشياء…
ربما هو زمن الإغتراب في مرحلة ما وفي لحظة ما من الحياة…
مازالتْ رحلة البحث متواصلة..
أحيانا كثيرة يتغرّب الكاتب أو الفنان عن المجتمع وعن الواقع فيحاول أن يخلق شيئا جديدا :
قصيدة، لوحة، ابتكارا ، تصميم أيّ شيء يعتقد انه يخرجه من اغترابه…
وأنا أحبّ الغرق في عالم الألوان تلك الألوان التي لا تنام فأسهر معها ألذّ السهرات ….
وألمح فرشاتي، في انتظاري دائما….
” قبلة لم تتحق ” في لوحة الفنانة سليمى السىرايري
لابدّ ان أقول :
شكراااااااااااا صديقي الكاتب المسرحي والإعلامي “يوسف رقّة”
على نشر الجزء الرابع من سلسلة “امرأة الأرض والماء”
في موقعنا البديع “ميـــزان الزمــان” بيروت/لبنان
كم أنا ممتنّة لاهتمامك ونشرك الذي تسعدني به في كلّ مرّة….
وكم اشتاق لوردة رقيقة من حديقة بيتك سيّدي الراقي يوسف رقّة–
تحياتي وتقديري