رواية (لهب، رماد .. عشب أخضر)
للكاتب العراقي أمين سعدي
صدر حديثا عن دار الرافدين في بيروت رواية للكاتب العراقي أمين سعدي وهي رواية تنتمي لأدب الرسالة
تحكي الرواية عن نزار وريتا، صداقة بدأت عن بعد، وتطوّرت تدريجيّا إلى حُب لا يعترف بالخرائط.
يرتحل كل منهما في خيال الآخر، بحثاً عن الذات والاكتمال والارتواء والعاطفة، بين أوجاع بلد تفيض بمواقف مليئة بالألم، وبين يأس وأمل، وخوف وندم، تنشد عذاب الروح للحبيبة، وتوْق الأخيرة للجذور.
تدور أحداثها في تنوع الأماكن والأزمنة، تمزج بين توثيق الأحداث والمتخيّل، تفتح التابوهات وتغوصُ في الذاكرة بتساؤلات حائرة.
من نصوص الرواية الرسائلية:
لاهاي
الثلاثاء
4 تموز (يوليو) 2006
الغالي،
أنا في حاجة ماسة للصراخ، أن أجعل كل الطيور تستفيق من نومها العميق، لم أعد قادرة في أن أبقي مشاعري سجينة القلب والروح، حدثت النجوم عن حكاياتي ولم تسمع، وشكوت للبدر معاناتي ولم يشعر بها، ومازلت غارقة وحدي في ظلمة الليل وأرتديه .. تائهة لا أحس بالوجود.
أحاول أن أرسم لوحة العذابات بألوان الماضي التي تطاردني دمعاً وحسرة، ومن الأيام الضائعة في خطوط الفجر .. الفجر الذي تغفو عيني على رؤيته، وحيدة أنا هنا لا شيء يشعر بمدى وجدي لك في وطني المهاجر إليك كأسراب الطير.
أشعر بأني منفية عن بغداد، عن جذوري في هذه المدينة .. إني أشكو للبحر، أحياناً أفكر بالسّير إليه وأنتهي، كيف أنفصل عن الخوف الجاثم على صدري، الخوف الذي أعيش فيه ويعيش إلى جانبي؟ كيف أتمرد على كتابي المقدس؟ ولكن هل يرضى الله ما يجري لي يا نزار؟ بالله قل لي ..
دعني أصف لك الليل هذه الأيام، حيناً أرتجف، حيناً أنحني باكية على نحو مفرط، أجفل من لا شيء، أغمض على كابوس فأستفيق على آخر، جثة آيلة للسقوط على سرير من الجحيم، عين غائرة تلتفت بسخرية واحتقار لكل شيء، تمقت نفسها.
لقد قصصت شعري الطويل بالمناسبة، أصبح خفيفاً يلقي بنفسه على كتفي، نحن النساء نمتلك من الجنون ما يفوق التصور، والرغبة بتدمير الذات.
أشعر بأني مخلوقة ضئيلة كئيبة وعاجزة، نعم بهذا الحجم كما ترى أو أرى! تسلم نفسها للقدر الأعمى، وأتساءل وما زلت، ما الذي يمنعني عن القفز من شرفة الموت؟!.
اعتدت أن أحدثك دائماً عما أشعر، تحملني قليلاً. أنا مندهشة لأنك تتحمل كل هذا الجنون.
هل تعرف أين رأيتك صباح الأمس؟
في الضوء الذهبي المتألق عبر النافذة، المنتهي عند نبات الصبار.
عند وجهي.
ريتا
اقتباسات من الرواية:
*وماذا نكون بلا ذاكرة ، سننسى كل شئ ،ستعجز الكلمات، تتلاشى كل الأشياء المادية.
*أيعقل أن يقتل الإنسان من أجل الفكرة؟ أو انتماء لفكرة؟ هل هذا ما وصل إليه العقل البشري في ابتكار طرق الموت؟
*ما يقع من السماء يمكن العثور على أجزائه، ولكن ما يقع من القلب لا يمكن العثور عليه.
*كنت هشة مثل ريشة، أسقط يوميًا دون أن أميز بين طلوع الشمس وغيابها، عاجزة أن أمنح لنفسي أي ابتسامة، فشعوري بالحياة، لم يكن سوى ومضة حلم، وكل شئ احببته تحول إلى سراب تبتلعه الفضاءات
*صلاتي لك
بأن تجد كرسيًا للتعب، أملا جديدًا في الحياة .. الحب.