- أغلقَ نافذتهُ ذات الّلون الأزرق.. مخافة أن يلتقط الدّبور روائح عسل الزّهر المتساقط أشواقا
- وإن؟
- فتح النّافذة الخضراء على مصراعيها ، وكأنّه يحاول رمي حبوب الحنان، علّه يصطاد العصفورة المهاجرة
- لماذا تتكلمين بالإلغاز دائما؟
- لإنّ القصدَ أن أُكلّم نفسي بصوت مرتفع
- لا أفهم أبدا مقاصدكِ
- لا يهمّ، يكفي أنّني أفهم مصطلحاتي .
- ولماذا تُوجديني إذا؟
- لا تنسي أنّك مجرّد ظلّ
- أنا موجودة وبقوّة، أحسّ وأتألم وأفرح و..
- مهلاً ، مهلاً ، لا تنسي أنّك مجرد إنعكاس، أُلغيه متى شئت
- أتتهربين؟
- ممّا؟
- من صوتي داخلك؟
- صوتك هذا لا أسمعه إلاّ برغبتي ، لا تأخذي أكثر من حجمك ..
- أبداً، أنا حقيقيّة أكثرُ منك، لا تخلطي الحقائب، أنا الواقع وأنت مجرد إنعكاس لصورتي في المرآة، أتدركين ذلك؟
- الذي أعلمه يقيناً ، أنّك تجاوزت كلّ منطق، كيف للصدى أن يصبح واقعاً والنّاي يصير إنعكاس؟
- يبدو أنّه اختلطت الأمور عليك، حين شربت آخر نقطة من تلك السّاقية
- أيّة ساقية؟ وأيّ ماء ؟
هل بدأت بالوهم ثانية؟
استيقظي ، أنت إنعكاسي وليس العكس ! - يبدو أنّ الحلم بات كابوساً، كيف لي أن أنتشلك من بين براثن سلطان المنام المتهور الأماني؟
عليّ أن أجد نافذة أخرجك منها
… تدور عيناها في محاولة إلتقاط فجوة منسيْة في قاع الضياع، لتصنع من دندنة معروفة سلّم نجاة … الكتفان في إنحناء لإلتقاط إشارة ما، الرجلان… يا للهول !!!!!
الرجلان!! أين هما ؟ أين رجلا المنطق؟ أين الدّرب؟ أين الإتجاه الصحيح لمسار دوران الأرض.؟ - هي… هي.. أنتِ !!! أين مصباحك؟ هل فقدت النور؟
- من منّا إنعكاس للأخرى ؟ أنت لا تملكين الصّوت، تخاطرا بعيد الذبذبة ، وأنا لا أملك القدمان؟
أيّانا الواقع وأيّانا الوهم ؟ - ولماذا تبحثين عن مصدر لسؤالك في صفحة على هامش الطاولة أكلها غبار الألم؟
انظري!! لا بأس إن لم تجدي الأجوبة..! لربمّا ابتلع القلم آخر ساق ليسند بها ظهر الطاولة.. أو ليرسم بها مسافة قياس لحلم كان عابراً … أو ربّما أخفاهما في جدار الصّمت لئلا تلاحظ الفراشات قفزك المبتور في سهول المستحيل.. لا تخافي.. الإحتمالات كثيرة والجواب مفقود الهويّة - الهويّة…. نعم الهويّة… هذه هي.. هذه فاتحة قفل الباب .. لماذا ألوّن النّوافذ ولديّ باب يَقْسُمُ ظهر الجدران الأربعة…! أم خمسة.. أم..
- هل ينفع معرفة العدد؟ العبرة ليست في العدد يا ظلّي الواهن.. العبرة في معرفة مفاتيح الأقفال ..
- لا أفهم.. لا أفهم هذا البُعد من المصطلح .. كيف يعني.. كيف؟
- من قال أنّ علينا معرفة كُلّ الأبعاد؟
- وكيف نتجه اذا؟
- عليك فقط بالإحساس ، تملكينه بجدارة ، وبقوّة.. فقط ثقي به
- لا أثق بأيّ لحظة ، لا أثق
- تناولي حُصرَمكِ واستعدي للمرارة
- لا… لا.. كرومي يانعة ولون الشّفق حسم بلورات العنب
- لا أفهم!
- حان وقت رحيلكِ.. سأكسر المرآة
- لكنّي لست إنعكاسا في مرآتك .. لا لستُ.. أنا التي غفت على ساعد الفجر وبدأت الحلم
- أنت كابوس بهيئة حلم ، يحاول أن يستجدي فُتات الحبر المتساقط من أطراف ريشة ملّت الحروف والكلمات وعلّقت لسانها على هوامش الرّماديّة
- لا ، لا، ، أنا الواقع وأنتِ مجرد هلوسات ، أتيتِ بثوب السّكون وأخذتِ بجعبتك كلّ هدوء الرّوح
- إستيقظي من سُباتك الملعون، إن فتحتُ لك نافذة ، لا يعني أنك الأصل ولا طِبْقَه حتى
- عمّاذا … ماذا ؟ لماذا تتداخل الأسئلة بامتزاج حروف غير متوافقة؟
- لإن الصّباح أقدم مُهلّلا يحتضن الشّمس
- ألن يحترق؟
- وإن، إحتراقه وهج ، تتآكل مسامه ليشّع النّور
- ولكن سيموت
- بل سيذوب ، ليعود ثانية يجمع شتاته ويتكوّن من جديد
- لكنّه لن يشبه ذاته
- وإن…. وهل نشبه دائما ذواتنا؟ كُلّ يوم يصهرنا الإحتراق ونحن نحتضن لهيبه لنتشكّل بصيغة جديدة
- غير صحيح.. لا ، لا
فأنا ما زلت أنا ومبادئي لم تتغير - إنْك على عدد وهج الّلحظة تتبدلين
- أبدا، أبداً
- بلا يا صغيرتي بلا، ورغم ذلك لم تنضجي ، ما زال عبثُ الحرائق في خيالك الصبيّاني محور أفكارك . ولكنّك تتغيرين، ملامحك، صوتك، لهجتك، ..
- لااااااا. لا…. أنضج نعم ، جوهري واحد
- ما أغباكِ من ظلّ .. من أتى صوب جوهرك … وهل باحتراق الذهب يصير فولاذاً؟
- كيف القصذ؟
- إستيقظي، حان وقت الزّفير…
مارينا سلوم 22/6/2021