سأتركُ كرسيّك فارغًا هذا المساء، كأرملةٍ لا تَنسى ولا تموت أيضًا، وسأخرجُ إلى شرفتي لأسقي ورودي، ولأنظُرَ عميقًا في عيني ذلك الرجلِ الفضوليّة المرابضة على شبّاكي منذ أزل، تراقب ظلال حروبي من خلف ستائرَ تحجبها، ولا تحجبها، كامرأةٍ لعوب.
ربّما يفتح معي حديثًا، ثمّ قد أدعوه لشرب فنجان “زهوراتٍ” أعدّهُ بنفسي من جنينتي الصغيرة، علّه يحبّه فيكون مفتاح لحظتِهِ، ولحظتي.
سأشعلُ شموعًا، فأنتَ تعلمُ أنّ أسوأ ما قد يفسدُ سهرتي ضيفٌ يشعل لمبات الغرفة. إنّني أكرهُ صراخ الأضواء حين يشتّت طاقة الشعرِ في عينيّ وشموعي.
الطقس جميلٌ يا حبيب، وهذا المساءُ حلوٌ وواضحُ التقاسيم مثل وجهِ قدّيس، يحفّز الرغبة بالعربدة، وأنا أعربِدُ وحيًا بين جدرانٍ تقطُرُ قداسةً.
لا أعلم ما الّذي لا يُخرِجُني من بينها، بالرغم من أنّني سريعة الاستسلام أمام قصيدة يتعذّرُ إنجابها.. لا أقصد أنّني أنساقُ في لعنتها، بل أجهضها، أهجرها.. عمرا مَ تكون! ستتبعُني مثل رجلٍ لم يتخيّل أن يُهجَرَ يومًا.
ربّما لأنّ هذا المكان هو المكان الوحيد الّذي يحقّ لي أن أهيم في فراغي بحضوره، فأنا امرأةٌ لا ترتدي أثوابًا فارغة، ولا عارية.. إن تدثّرت بالأعينِ الكثيفة تعرّت من عريها.
في هذا الفراغ، قد أريد زائرًا خفيف الظلّ يحبّ الأضواء الخافتة، أو يحترمها، يشرب ال”زهورات” بدل النبيذ، ويلزَم المكان الّذي أختارهُ له، ويُصغي من دون أن يتكلّم..
فبارِك ضيفي يا حبيب، أعِدُكَ بأنّني لن أجلسهُ على كرسيّك، وسأسقيه زْهورات تيقظُ عقلهُ ولا تشتّته،
لكن لا يمكنني أن أعدكَ بأيّ شيءٍ آخر..