رواية « ميلانين » و الأديبة فتحية دبّش و كلام بلا ألوان
بقلم : ناصر الرقيق*
بداية لابدّ من التوضيح أنّ هذا المقال، هو رد على مقال سابق للأستاذ حميد العقبي رئيس المنتدى العربي الأوروبي للمسرح و السينما في إطار الكلام عن الكلام و الجدل الذي لا يصحبه جدال.
لنبدأ من العنوان الذي اختاره الاستاذ العقبي لمقاله حيث عنونه بـ« بين الدرابسة و الدبش لا أحد يقود مؤامرة!! »
فالأستاذ العقبي أورد في العنوان لفظ ( مؤامرة ) و حقيقة لا اعلم لماذا استعمله و الحال أن لا أحد من الكتّاب أو النقاد أو منظمّي الندوات تحدّث على أنّ هناك مؤامرة لذلك أعتقد أنّ استعمال هذا اللفظ من باب اكساب المقال نوعا من ( الـshow) الإعلامي خاصّة و الأستاذ حميد سينمائي و بصري و يجيد إثارة الجمهور.
لنعد الآن لمتن مقال الأستاذ العقبي و الذي لن أناقشه كلّه و قد اعتزمت فعل ذلك في البداية لكن بعدما عدت و شاهدت جميع الندوات مثار الجدل، تراجعت عن ذلك و خيّرت الإكتفاء ببعض النقاط المهمّة في المقال دون غيرها التي بدت لي توضيحية لما يقوم به الأستاذ العقبي في إطار نشاط المنتدى العربي الأوروبي للمسرح و السينما ( الجزء الثاني من المقال ) و لا تدخل في هذا النقاش الحاصل حول رواية ميلانين و صاحبتها الأديبة فتحية دبّش.
بدأ الكاتب مقاله بتضامن مع الناقد د. عاطف الدرابسة موحيا للقارئ بأنّ الأخير تعرّض لهجوم بسبب رأي نقدي أبداه و هذه مغالطة لأنّه برجوعي لكلّ ما حدث من نقاش و جدل حول رواية ميلانين و رؤية الدكتور درابسة لها لم أقف على اساءة واحدة لشخصه بل أنّ كاتبة الرواية أجابته بكلّ احترام و هذا موثق لمن أراد الرجوع و مشاهدة الندوتين، ندوة الكتاب اللبناني و ندوة الغرفة 19 الذين فصل بينهما يوم واحد و قد قال الدكتور الدرابسة في الندوة الأولى ( ندوة الكتاب اللبناني ) بأنّه لم يقرأ الرواية بل أنه التقط بعضا مما قيل في الندوة و بالتالي سيعلّق عمّا سمع ثمّ الأعجب أنّه يعود بعد يوم واحد ( ندوة الغرفة 19 ) ليقدّم رؤيته حول الرواية و التي لم تكن حقيقة رؤية نقدية لأنّه من الواضح أنّ الدكتور الدرابسة لم يجد الوقت الكافي ليقرأها حيث أنّ ما قاله كان رأيا سياسيا يحاكم الرواية و كاتبتها و ليس رأيا نقديا و مع ذلك فقد تقبّلت الكاتبة رأيه بصدر رحب و لم تبد أيّ انزعاج من ذلك و حتّى ما طرحه بعد ذلك الناقد السوداني زياد مبارك من رأي حول ما قاله الدكتور الدرابسة لم يخرج من إطار نقد النقد و لم يتعرّض لشخص الدكتور البتّة و كلّ هذا مازال منشورا على الفايسبوك لمن أراد التثبّت، لا كما حاول الأستاذ العقبي ايهام الجمهور بوجود هجوم على شخص الدكتور الدرابسة بسبب رأي و عليه فإنّ تضامنه معه لا معنى له بل هو فقط يدخل في خانة المجاملات بين الأصدقاء.
ثمّ يعود الأستاذ العقبي للتذكير بأنّه لا هو و لا د. الدرابسة و لا د. الضبع يقودون مؤامرة ضدّ رواية ميلانين و كاتبتها فتحيّة دبّش و حقيقة لا اعلم لماذا يصرّ الأستاذ العقبي على لفظ المؤامرة رغم أنّه لا أحد قال بذلك غيره، فكأنّي به هنا شأنه شأن د. درابسة و د. الضبع يبحثون عن نجومية من خلال رواية متوّجة بجائزة معروفة متبعين في ذلك سياسة ذلك الأعرابي الذي بال في زمزم حتى اذا امسكه النّاس و عابوا عليه فعله، قال لهم « حتّى تذكرني العرب» أو لعلّ الأساتذة الكرام يبحثون لهم مكان في لجان الكتارا و البوكر، من يدري ؟ و هم فعلا أهل لذلك إن ركّزوا عن مواطن الجمال في الأدب العربي لا عن مواطن الخلل و ما اكثرها لأنّها أعمال بشرية تبقى كثيرة النقص.
ثمّ يواصل صديقنا حميد توضيحاته حيث يأتي على ذكر الندوة التي نظّمها لرواية ميلانين ذاكرا أنّه لم يقرأ الرواية و أنّ من اقترحت الرواية لم تقرأها أيضا مضيفا أنّ أستاذه محمود الضبع و بعد أن قبل أن يقدّم نقده للرواية فاجأه باِتّصال يوبّخه على اختياره لرواية ميلانين بدعوى أنّها ليست رواية و بأنّها رديئة جدّا و بأنّ الكاتبة لن تتحمّل رأيه.
و صدقا لم أفهم لماذا فضح الأستاذ العقبي صاحبه بأن أفشى حديثا ثنائيا بينهما، لأنّ الدكتور الضبع لم يقل ذلك عن الرواية خلال الندوة بل حتّى خلال نقده الذي كان قاسيا، أكّد في ختامه أنّها رواية جميلة و تستحق الإشادة و لم يذكر ما ذكره الأستاذ العقبي ثمّ إن كان ما أفشاه الأستاذ العقبي من حديث مجلسي بينه و بين الدكتور الضبع لماذا يقبل هذا الأخير إعداد دراسة عن عمل يعتبره رديئا و سيئا و ليس من جنس الرواية، أفلا يمسّ ذلك من مصداقيته كناقد خاصّة و أنّه ختم كلامه النقدي باعتذار للكاتبة التي تدخلت بعده لتشكره عمّا قاله، فقط قالت له لماذا الإعتذار إن كانت فعلا تلك هي رؤيتك للرواية فلا أحد يعتذر عن رأي إلاّ إن بان له بأنّه مجانب للصواب و لم يكن ردّها فيه أيّ إساءة للدكتور الضبع البتّة كما ذكر الأستاذ العقبي في نقطة لاحقة من مقاله ذاكرا أيضا أنّه تدخّل لإيقافها عن ذلك و هذا أيضا غير صحيح و لمن أراد التثبّت يمكنه مشاهدة الندوة، و كأنّي هنا بصديقنا العقبي حين كتب مقاله ذهب في ظنّه بأن لا أحد سيعود لفيديو الندوة لمشاهدته و للتبّت مما ورد في مقاله.
أضيف أمرا آخر و هو أنّ الدكتور محمود الضبع اعتمد طريقة أبويّة سلطويّة مبالغ فيها خلال حديثه عن الرواية حيث بعد الحديث بإطناب ختمه بنوع من الإعتذار تماما كما يفعل الأب الذي قد يضربك ضربا مبرحا ثمّ يمسح على رأسك لاحقا لإسكاتك و هذه طريقة فيها ما فيها من تقزيم للكاتبة التي أراد الدكتور اظهارها بمظهر المبتدئة التي لا خبرة لها و إلاّ كان عليه الإكتفاء برأيه و يمرّ.
و قبل أن أختم، أقول بأنّ جميع الآراء النقدية لجميع النقاد تبقى محترمة و بأنّ رأيَيْ كلّ من الدكتور الدرابسة و الدكتور الضبع في رواية ميلانين للكاتبة التونسية فتحية دبّش، يَبْقِيَانِّ من الشاذ الذي يحفظ و لا يقاس عليه باِعتبار أنّ الرواية مرّت على عشرات النقّاد و الناقدات سواء قبل كتارا أو بعدها و لم يقل بقولهما غيرهما.
و في الختام أقول بأنّه كما للأستاذ حميد العقبي الحقّ بالتضامن مع أصدقائه النقاد فمن حقّنا أيضا ككتّاب أن ندافع عن بعضنا و هذا ما قصدته بهذا المقال لأنّي أعلم تمام العلم بأنّ الكاتبة و الأديبة فتحيّة دبّش لن تردّ على مقال الأستاذ حميد العقبي و ها أنّي أردّ عليه توسيعا لدائرة النقاش و تعميقا للفهم و خدمة للأدب العربي و محبّيه و متعاطيه و يبقى التذكير بأنّ الإبداع سابق للقواعد و بأنّ القواعد خادمة للأبداع أمّا إن كانت هادمة له فحتما سيخترق أسوارها و يمضي بعيدا عنها و لن تستطيع اللحاق به.
*كاتب و قاصّ تونسي
لا فض فوك 💕