-1-
تنتظرُ العصافيرُ قدومَ الربيعِ
تبحثُ عن أمكنةٍ آمنةٍ
ظِلِّليلةٍ ودافئةٍ
تبني فيها أعشاشَها
لكي تؤدي صلواتِها وطقوسَها في تجديد الحياة …
إلَّا نحن… نعيشُ خارجَ الفصول
لا خريف يتيحُ لنا عريُه قراءة الحقيقة
ولا شتاء يروي غيثُه ظمأَ الروح
ولا ربيع يقوى عشبُه وزهرُه على حمْلِنا إلى الينابيع
ولا صيف تطهرُنا شمسُه من عتم قلوبنا …
ـــ فمَنْ نحن ؟!
-×-×-×-×-×
-2-
لم يَعُدْ لي فوق هذا السريرِ المُعفَّر بالذكرياتِ سوى ما خلَّفَتْه الدروبُ وأشواكُها مِن غبارٍ ووشمٍ قديمٍ لِحِنَّائِها فوق كَفِّي النحيلْ…
ولا زلتُ أعدو بحمْلي وحلمي وتعدو أمامي وخلفي وفوقي شموسُ نهارٍ عِذابٍ تضيئُ دروبي كأنْ ليس في رَحْلِها موعدٌ للأصيلْ…
-×-×-×
-3-
…عند آخر النفق
بِضْعُ زهَراتٍ مِن الأقحوانِ والنرجسِ والياسمين، لم تُقلقْها الخرائب،
ولم ينلْ منها اليباس، بقيتْ تقاوم دخانَ الحرائقِ بعطرِها الأبدي…
وبضْعُ شجراتٍ من الزيتون والسنديان جذورُها متشبثةٌ بالتراب،
تجابِهُ وحيدةً أنيابَ الإعصارِ وعويلَ الزلازل، وتبحرُ بصمود في قهر الزمن…
نخبةٌ من الرجال
صانوا بحكمةٍ ووعيٍ ونقاءٍ حضورَهم في الوجدان العام هم أوتادُ وحبالُ وغطاءُ خيمتِنا الأخيرة وما تبقَّى لنا من حروفِ الأملِ المضاءةِ في أقاصي الروح…
ولو لم يَبِنْ آخرُ النفق…
-×-×-×-×-×
-4-
أجراسُ الحياةِ تدقُّ مِن بعيدٍ بمُخمَلِ رنينِها رُواقَ القلب…لكنَّ ضراوةَ عويلِهم تضجُّ في صحوةِ الحلم، وقسوةَ أنيابِهم تُمِيتُ عُشبةَ الصباح وتُسْكِتُ تراتيلَ البلابلِ في فجْرِ العيد…
فهل مَنْ يلملمُ جمرات القيامة ؟ …
-×-×-×-×-×
-5-
جميل جدًا أن نبلغَ قمَّةً صبَوْنا إليها طويلًا …
ولكنَّ الأهمَّ هو محافظتنا على ذلك والتأسيس لبلوغ قمة أعلى…
وجميل جدًا أن ننتصرَ متجاوزين واحدةً من العقبات في مشوارنا الطويل… ولكن الأجمل والأهم أن لا نضيِّعَ هذا الإنتصار وأن نُحسِن توظيف نتائجه لمتابعة الطريق … لتحقيق الحلم..
آمل أن تكون ضراوةُ الوجعِ والغربةِ قد علَّمتْنا ما يكفي من العِبر… فتاريخُنا مليئٌ بالمناراتِ التي وبكل أسفٍ لم نُحسِن الإفادة مما وهبَتْنا إياه مِن ضوء…