بَوْحُ الزَّوَايَا
***
مَضَى عُمُرٌ وَلَمْ تَبُحِ الزَّوَايَا
بِمَا ارْتَكَبَتْ وَأَخْفَتْ مِنْ خَطَايَا
فَجِئْتُ، وَحَسْبُ حَرْفِي رَاهِبُ الدَّيْرِ –
كُرْسِيَّ اعْتِرَافٍ أَوْ مَرَايَا.
أَسَرَّتْ لِي الْيَنَابِيعُ الْعَذَارَى
خَبِيءَ مَخَاضِهَا، طَيَّ الثَّنَايَا،
وَكَيْفَ تَوَجَّعَتْ، وَالْمَاءُ دَفْقٌ،
أَتَاهَا الْبِكْرُ رَقْرَقَةً وَآيَا.
وَسِرًّا جَاءَنِي اللَّزَّابُ يَشْكُو
مَهَابَةَ وَحْشَةٍ بَيْنَ الْبَرَايَا
وَيَغْمِزُ مِنْ قَنَاةِ الْأَرْزِ عَتْبًا
وَيَعْلُو… الصَّخْرَ يُسْرِجُهُ مَطَايَا،
هُنَالِكَ فَوْقُ يَلْبَسُهُ زَمَانٌ
وَدُونَ ظِلَالِهِ نَبْدُو عَرَايَا.
وَكَمْ لِلْفَجْرِ قَدْ هَمَسَتْ جُذُورٌ
كَسَاهَا الْوَحْلُ فِي غَفْوِ الْعَشَايَا
وَحَلَّ الْفَجْرُ فِي وَرَقِي يُغَنِّي:
مِدَادُكَ يَا أَخِي قُلْهُ نَدَايَا.
وَمَا الْعَيْنَانِ؟ زَاوِيَتَا مُحَيَّا
وَبَوْحُهُمَا يَفِيضُ مِنَ الْخَفَايَا
فَتُفْصِحُ دَمْعَةٌ عَنْ حُزْنِ قَلْبٍ
وَتَفْضَحُ أُخْتُهَا فَرَحَ الْهَدَايَا.
وَبَيْنَ السَّطْرِ وَالسَّطْرِ اتِّسَاعٌ
وَلَيْسَتْ رُؤْيَتِي إِلَّا مَدَايَا
أُعَرِّي الْكُتْبَ مِنْ خَبْءٍ وَلَبْسٍ
وَأَقْرَأُ مَا امَّحَى وَعَصَى سِوَايَا
فَيَغْدُو كُلُّ مَعْنًى شَمْسَ فِكْرٍ
وَسُكْنَاهُ الْيَرَاعَةُ وَالْحَنَايَا.
خَطَايَا كَمْ جَمَعْتُ مِنِ اعْتِرَافٍ
وَعَنْهَا أَسْقَطَتْ ثَوْبَ الضَّحَايَا،
أَرَاهَا مِنْ مَقَامِ الطُّهْرِ أَنْقَى
وَأَبْلَغَ… وَهْيَ فِي صَمْتِ الزَّوَايَا.