“عودة..!”
“مالحب إلا للحبيب الأول …” لماذا يرن هذا البيت في قلبي الآن !؟؟….لماذا ؟؟… ماالذي حرك أشجاني القديمة ؟؟…هل هو الحنين ؟؟!!..آآه … بلى … هي حنين … ابنتي تلك الشابة الجميلة … ولكن كيف حركته حنين ؟؟!!…نعم … هأنا أعصر لحظات ماضية علّها تساعدني بصورة ما .. بكلمة ما … آآآآآه … هو كذلك !…سمير … سمير …خطيب حنين … هو من حرك هذه الذاكرة الراكدة في عمق روحي !…بهيئته .. بشخصيته … بطلته … جعلتني أعود للوراء 30 عاما مضت !
…آآآآآه … ما أجمله !…رغم أنه شاب جميل ..جعلني أتعلق به أكثر من ابنتي …وأحببته أكثر منها .. فلقد عوضني ابنا فقدته أيام الحرب !!…آآآآآخ من الحرب … كم كانت أياما لئيمة …و قاسية … عندما تجبر على ترك وطنك بسبب وطنك !!!..عندما تهرب من أهلك !!…هي الحرب تأتي كقنبلة من كلمات .. لتفجرنا إلى أشلاء فتتناثر أرواحنا في كل جهات الأرض !…وتبقى هي تنفجر كرها !!….رغم الحرب ..لم أنساه يوما …وهل أنسى حبي الأول ..ورعشة القلب الأولى ..ونظرته الأولى ..
ياااااااااااااااااااااه … كم مر علي من الزمن وأنا فاقدة الحب !…رغم أن زوجي الراحل كان رجلا طيبا …لكن …لم أشعر معه بذلك الحب …اللهم حلاوة معشره …فالحب له كان حب الزوجة !…رغم أخلاصي له حتى في تفكيري لم يغب عن روحي يوما بأن الحب الأول ذهب بلا عودة …وبانه الحب الوحيد الذي عشته !…لكن رؤية حنين و سمير ..أعادتني لتلك اللحظات … فقصة حبهما كأنها قصتي التي لم تحدث !…أو تلك التي انتهت دون أن تنتهي !…لازلت أذكر كيف أن والدتي من شدة خوفها علي لم تسمح لي حتى بالخروج للشرفة !!…ولكن كنا نلتقي عند بائع العلكة ..رغم أننا لم ننطق الحب حروفا …كانت أعيننا تصرخ به فاضحة !..فتحمر وجنتاي خجلا ..ويرقص قلبي طربا …كنا لا نسير معا ..لكنه لا يطمأن إلا باصطحابي إلى منزلي خوفا علي ..كان يسير خلفي ..وكلما توقفت عامدة لالتفت إليه ..كان يبتسم لي بخجل ..فأبدأ بالركض ..كي أهرب منه ..وكي أعرف هل سيلحقني ؟؟..وعندما أصل لمدخل منزلنا لاهثة .. التفت خلفي ..فإذ به يحاول أن يلتقط نفسه ..ومع هذا يلوح لي من بعيد مودعا .. فلقد انتهى اليوم … فغدا موعد آخر ..كنت أنتظر مروره أمام منزلنا ..كي أشبع من نظرات حبه الصادقة !..رغم عمرينا الصغيرين .. كنا نشعر بحرارة الجسد و ألم البعد ..و ضيق الروح …لا أذكر بأنني صافحته يوما !…ما أذكره فقط ..هو انتقال عائلته المفاجأ للعاصمة .. لم أصدق عيناي كيف رأيته حزينا باكيا ..ولم يستطع أن يمنعهم من الرحيل …وبقيت أنا واقفة امام النافذة ..أبكيه ..وأبكي أيامنا الجميلة … وهكذا مرت الأيام … ولم أره .. كنت أسمع عنه أخبارا بعضها سعيد و بعضها تعيس .. فأتألم بصمت .. وأدعو له بالخير …
“ماما .. تعالي … لقد جاء سمير ..” …
انا :” آتية يا حبيبتي ..”
هي تستعجلني :” ماما بسرعة .. لقد جاء سمير و معه ضيف…إنهم في الشرفة!”
انتفض قلبي فجأة ، تذكرت حبة الضغط ، فبحثت عن العلبة ، صحت قائلة :” قادمة حنين .. سآخذ الدواء .. قادمة ..” …
نزلت الدرج ببطء ..و هنا … شعرت بدوار كدت أسقط على وجهي ، فسارع سمير ليمسكني قائلا :”سلامتك ماما ..” لم أسمعه …
ونظرت للشرفة قائلة : ” أهذا أنت ؟؟؟…. طال انتظار القلب … !”…….!!!!
————————–