مـذبحــة غـانــدي
بقلـم: رشـا بركــات (رايتـش) – حكايــات رشـا
غاندي…أين أنت؟
“الضعيف لا يستطيع أن يسامح؛ فالغفران سمة الأقوياء….”
“The Weak Can’t Forgive; Forgiveness is the Attribute of the Strong…”
غاندي…أين أنت؟
“كن أنت التغيير الذي تتمنى أن تراه في العالم…”
“Be the Change that You Wish to See in the World…”
أعلم أنك لن تردَ علي يا غاندي…أعلم أنني سأسمع صدى صوتي….أنا مدركة لما حصل معك تمام الإدراك لا بل أنا الشاهدة على مذبحتك…
غاندي…أين أنت؟ سأكرر ندائي لأني أريد حبة خردل من أمل، قصفة من تفاؤل وبصيص من شعاع.
تفهَم إزعاجي لو سمحت…
- ها إني أسمعك. لا تفقدي رونق حياتك، أكملي مسيرتك وبرغم مذبحتي…استمري، تحدي، قاومي كل يباس وستنتصرين…
- أنتصر على من ومن؟
- على كل مفلس…
غاندي أين ذهبت؟ لم أنته بعد. أريد نصيحتك…بحاجة لحكمتك، أنا بتَ أعيش خارج النص…
ماذا أقول لك، هل أحدثك عن الخيانة العظمى من قبل أغلب بقاع الأرض لقضيتي فلسطين؟ هل أحدثك عن مكر العدو والصديق؟ هل أسرد تفاصيل الأذية التي عانيت منها، انا وكل شعبنا الفلسطيني؟ هل تعلم أن أهل شعبنا يعيش في عالم مليء بالأكاذيب والفجوات؟ هل تعلم أن هناك دكاكين بالعشرات تتاجر باسم الوطن والدين والأعراف وكل المعايير؟ نعم….ضاعت المعايير…ضاع المجتمع…ومن نكبة إلى نكبة فنكبات…
هل أحدثك عن تقوقع الفكر في زاوية الفراغ والأسى؟ هل أحدثك عن مكاتب متعددة تسعى لاستقطاب “أشبال” لكنها تربيهم على مفاهيم الأسر والتبعية والإغتصاب الذهني؟ هل أقول لك أننا دون أي مؤسسة ودون أي قيادة حقيقية ودون أي سند؟
كل تلك الدكاكين تعتاش من لسانها…ضاعت الحكمة…ضاع الإنسان…
أتعلم أنهم لم يذبحوك فقط بل ذبحوا ناجي العلي معك؟ والمضحك أنهم مشوا في جنازته واستعملوا إبداعاته بعد قتله…نعم أنا أضحك لكنها ضحكة قهر…ضحكة ألم…فأنا مثلك مذبوحة…
أتعلم أن عدوي المباشر يعاديني بصراحة ويسرقني ويقتلني بالجهر ولكن من أسموا أنفسهم قيمين علي، يريدون قتلي بالمسدس الكاتم….ليتسنى لهم لاحقا الحضور في مجالس عزائي…فهمتني؟
أين دعم شعبنا الفلسطيني بالعلم والصحة والوظائف والتطوير والكرامة الإنسانية الشاملة؟ أرادوه ذليلاً لكي يسخروا منه ويسموه ب “الإرهابي” كما يريدون بكل ليونة ودون أي عقبات…ليسهلوا طريق التسمية بنجاح…تعاونوا مع المحتل بطرقهم وأغرقوا شعبنا في الشتات العربي بالتضييقات…ونسقوا أمنياً مع قاتلنا!
حتى وجود أرض لمقبرة قد يكون صعباً يا غاندي…لم يتصرف ليؤمن لنا أرضاَ لمقبرة من هؤلاء “المعنيين” أحد…لم يسلم جسدنا المنهك والميَت من الاذى حتى…
أتعلم أن من ذبحك أعلن شعاراته التي فاضت بالتزمت والكراهية ولكن…ادَعى أنه الملاك…بالمقابل، صدر شعار مضاد من شعبنا يقول: “فلسطيني ممنوع تعيش”…نعم يا غاندي، أعلم عن مدى إيجابيتك وثورتك الراقية التي أعلنت رفع راية المحبة والصمود الإنساني الشفاف دون أي عنف أو دون أي أداة قد تسبب جرح أحد. لكني، أطلب منك الآن أن تحمل خنجراً وتقتلني بيديك لأنني لا أريد أن يتم قتلي من قبلهم…فقد ذبحوك يا غاندي ألف مرة ولم أعد أحتمل أي ذبح جديد لك…فاذبحني أنت…