استعجلت الغياب
(خواطرُ في أربعينية أخي ومثلي الأعلى .. بلال)
استعجلت الغياب،
فمن يا أخي،
يلوّن المدى بصوتهِ
ويُناديني على كوب شاي؟
من يُطعمُ الطيورَ
إفطاراً من الخبزِ والفرح؟
وأينَ هو الذي يُجالسُه الصبحُ
ويقرأُ له مزاميرَ الشعرِ؟
من يُلملمُ أنين الرياح
على مدفأةِ الغرفة الأخيرة؟
من يثورُ
على دنيا لم تعد تُشبِههُ؟
من يدورُ
في حواري العشقِ
في بنت جبيل؟
ثم يحّطُ الرحال
على كتفِ واديها …
استعجلت الغياب،
فمن بعدكَ يتغنّى بصفّ الهوا؟
ومن يُنشدُ ساحة الهمّ؟
من يعيد لنا عقارب الزمنِ؟
وانتَ وحدكَ،
لا قبلكَ إلا الأخضرُ العربيّ
وثلّة من الأطهارِ
تناضلُ في سبيلِ الأرضِ
من يناجي فلسطين
ويحرسُ كرامتها؟
أستجدي منك عبر الشرفة .. صوتاً
حسووووون
أستجدي صمتاً .. إبتسامة
لكنك،
لم يعد يُشبهك الزمان
غُربةٌ
إنفصالٌ
ذهولٌ عن كل الأحلام
حتى المطرُ
لم يعد يروي
أنت ربما لم تستعجل …
بل ذهبت إلى صفاءٍ،
إلى حقيقةٍ مطلقةٍ .. لا رياء فيها
ولكني، يا أخي،
سأبقى، أستجدي وجهك
فرِحَاً
صاخباً لا فرق،
فلا أجدُ سوى جداراً يرفعُ صورة
والكثير من الذكريات
أجالسُ الشرفةَ في منزلَ أبي
وأرقبُك
تناقشُ
تستمعُ
تشتمُ
أبتسمُ .. وأتأوه وحدي ..
قُلتَ لي مرّة،
يا أخي،
الموتُ كالولادة
وجهانِ لعملةٍ واحدة
ولكنها يا أخي،
قاتلةٌ هي الظلالُ ..
أما الموت
فما الموت؟
مِعولٌ ينكشُ في روحِ الأحياء،
فلا يجدُكَ .. إلا
“سنديانةً عتيقةً
لا تكسرها عواصفُ الكلام”.