خربشات من يوميات فراشة
بقلم : الشاعرة سليمى السرايري
الحزن والرصيف، توأمان لحالة واحدة “الوحدة”.. حالة متأرجحة بين الشكّ واليقين بين أمل في العثور عن مفقود..حالة فقد تطفو وضبابيّة نحاول أن نلوّن بها لوحة جديدة في كل مرة لتكون عفويّة كبداية لشجن يقطن زوايا الروح.
الضفّة، ليست إلاّ ذلك الإنتظار الذي يشاغبنا، حين تسرع الخطى نحو المجهول…تلك الخطى، مازلنا ننتظرها عند أسفل الحلم.
الكاتب الذي نسي صوته ذات اعترافٍ، مليء بالوجع، وكأنّ دخانا يصعد من روحه…من أرواحنا…يجوب صرخة عالقة….. متأرجحة بين الكبت والانطلاق….
وهنا لابدّ من استحضار الأنثى، في قصائد شعراء..ربّما لتخفّف حدّة ذلك الوجع..الأنثى الحبيبة ،، الأم الأنثى…الأنثى بمعنى الجمال..أو ربّما هي موجودة رغم الصمت الجاثم والألوان الشاحبة….لتكتمل في النهاية لوحة نريدها بيضاء مثل قلوبنا لنمضي نحو الأعمق…..نحو الأبعد.
أما الفنان الذي يغرق في لوحاته، يتخلّص تماما من زنزانة خفيّة بلا قضبان ،،و يكمن في بانورامية مذهلة بلا جدران ولا سلاسل…يريد دوما الانفلات – وليس الهروب ،وكأنّ فزّاعة في ذلك الضباب الذي يزداد قتامة كلما فتح عاصمة لألوان جديدة ،
هناك من يخنقه …
نعم انه “الإختناق”
الإختناق الذي يسقط علينا فجأة حين تضيق الاتجاهات,,, وتموء في الزوايا آهة متأرجحة أيضا..اختناق حدّ الغرق…الاختناق حدّ البوح بما اكتظ به القلب وفاضت به الريشة…
هكذا نتقنُ “بانوراميّة” السفر في الآتي ، نوظف النهر والبحر للغرق، وتجاعيد الوقت لوجوه عابرة، فهي اشارة للحياة كغمامة حالمة ترحل نحو السماء….
و قصيدة أنهكتها الذات العابثة…
لذا لا نستغرب كل هذا الحضور: للشعر – للحزن – للقلق- للموت في قصائد الشعراء، وتلك العتمة الرابضة هناك في استعداد للقفز كلّما ارتفع الصدى وتموّج النصّ.
هناك شعراء لا حدود للغتهم، فهم يحملونك إلى أبعد مكان بين الأرض والسماء –
شعراء التفاصيل….
شعراء الوجع العميق
الحب الساحر
الجنون
هناك قصائد ذات لون متفرّد يجعل المتلقّي يبحث عن مخرج لأسئلة عرجاء,و يتعاطف معها،،،ويعطف عنها..ويبحث لها عن حلّ …
كائنات متحركات داخل المشاهد التشكيلية,اسئلة لها أرجل أيضا يمكن بترها في لحظة نسيان….
وعادة ما يعود الشعراء بخفّة متناهية إلى تلك الأنثى التي تسكنهم..أنثى تشبه الغيوم..فهي سريعة الحضور والاختفاء….سريعة الإنسجام ،سريعة الإنفعال.
أسئلة عرجاء مزاوجة ومتناسقة مع الجسد الحالم بالعشق والمعشوق
انزياحات في تصوير مدهش نحو تفاصيل أخرى كثيرة وعميقة ومتعبة..لدرجة الغياب واللاّعودة.
و ندور معا في أحداث متفرّعة إلى اتجاهات مختلفة وكأنّ بالشاعر نسى أين هو بالضبط…تماما كما الاسئلة التي نست أرجلها….
هل هي لعبة المصير ؟؟
مصير الانسان بما يحمل في ذاته من وجع وحب وهذيان…؟؟
هل هو القلق من شيء ما لا يعرفه الشاعر نفسه؟؟
كان لابدّ للصراخ أن يموت على شفاهنا، وذلك الرفض العنيد من المجتمع الذي أصبح لا يضمّ الكتاب، ويستهلك حشاشة الناص وما خطّه لأغراض أخرى.
شعور بالقهر والوجع والخيبة حين تُدَسّ مشاعرنا في “حاويات القمامة”
وتُصبح خلجاتنا حطبا لسهرات آخر العتمة حين يسكن الليل إلى نفسه ولا يبقى سوى “بقبقة ” في براد شاي يلتهم حروفا تبكي وكلمات تحتضر……
ودائما يجلعنا قلمنا، فعلا نتأرجح بين الجمال حدّ السعادة وبين الحيرة حد الضياع…
لنغوص أعمق و أعمق فتأخذنا حقيبة السفر عبر الأزمنة في لوحات مدهشة نحو الأسطورة.
عشتار -افروديت …و و و
هاهي المرأة الأفعى تطلّ من بعض القصائد، نلمحها من خلال “لاميا”
ضحيّة الغيرة والحقد كيف تحوّلت إلى أفعى تخرج ليلا لقتل الأطفال……
وهي تلبس في الليل غير ما تظهر به على جسد النهار….
من قال أن العشق أساسه نظرة فابتسامة فلقاء؟؟؟
انّه لغة تفهمها العصافير والفراشات
لغة تفهمها الأشجار الواقفة هناك
بفيئها تحتضن حبيبين
الفكرة رمز لكلّ رجاحة……
الفكرة صلاة حين يسكرنا الجمال
ويسيل التفاح أنوثة على الأصابع…..
تلك الضمائر مازالت نائمة
رغم عبثيّة القدر
رغم كل الانتهاكات الصارمة ضد الجمال والهدوء
فلا تبقى سوى اشارة راقصة في حيرة مقيتة…
الأسطورة،
لوحة تشكيليّة الملامح
ربيعيّة المحور
فل نترك القارب هناك على ميناء الصامتين
وندع الملح يدلّ علينا
كلّما فاجأتنا العاصفة واغتابنا الغرق…
–