كلمات قصيدة ” الفراشة “
للشاعرة سليمى السرايري
من انبثاقٍ ما، جاءت
لونا يلملم شعاعه من مياسم الورد
تفاصيلها الصغيرة قُدّتْ من بحيرات الشفق
ظلالها خفقة أجنحة
وشوشة غيمة لغيم عاشقٍ
رذاذ يسيل نبيذا عتيقا
على شفاه الأشجار والمساءات الخالية
فراشة مفتوحة الجناحين
تعلن للمكفوفين عن نوافذ الشمس
كي يهتدي الضائعُ إليها
حين تضرب العواصف جميع الأمكنة
ويهرول الفراغ إلى تجاعيد السحب
على ضفاف الصمت المقتول عمدا
تعيد شرنقة اللون
وتجمّل العتمات بالضوء
فالقمر لا يضمن لنا النور كلّ يوم
ولا الشموس ستتجاوز السحب كلّ صباح
وحدها الفراشة تعيد خجل الإتجاهات
وتخلق لشرود الغزلان مملكة خضراء
كي لا تموت عند يباس النهر
وغياب المطر..
لم تنتبه يوما لألوان أجنحتها
لم ترها وهي تنعكس على المحيط
على جدران البيوت
على كفوف الياسمين
وعلى الوجوه المحدّقة بها
كلّما تفاقم نورُها وفاضتْ مصابيحها
هي الآن، تدرك كيف تزيّن ما يحتاج النهار
وما تبتغيه الفصول…
وكيف ترافق أشجار اللوز حين يهجرها التفاح
وتلفّها الخيانات …
ستفصح للفضاءات الرحيبة
عن هويتها
عن صوتها
عن تشكيلة ألوانها
وعن أنين الساعات الطويلة بلا مواعيدٍ
حين تغفو على مشارف الحدائق
وتحط أجنحتها بصمت على زهرة حانية
ينتاب هذا الكونَ سكونٌ رهيبٌ
فتتّسع الهوّة بين اللون والعتمة
هي ما خلّفته الطبيعة من سحر
وما نسجته أصابع العذوبة
لا تنتحل أسماً غير مشابه لها
ولا ترتدي قميصا أضيق من حقيبة سفر
كل دروبها رحلات رحيبة
كل حريرها انزلاق المرايا على جبين الوقت.
هي الفراشة ،،
أيقونة الرقّة والنور الإلهي
حاضنة أسرار الكون وشرنقات الضوء
حين لا شيء يبقى
سوى لونها القدسي في مشهد فريد
هناك عند فانوس وحيدٍ
كان ينتظرها في اشتهاء.
–
–
الشاعرة سليمى السرايري – تونس
شكرا استاذ يوسف رقة على الاهتمام والنشر في موقعكم الجميل