” موعد مع النهر ”
#قصيدة للدكتور محمود عثمان
لم يخلفِ النهرُ بل وافى بموعدِهِ
يسابقُ الشوقَ من أمسي إلى غدِهِ
الذكرياتُ خريرٌ في تدفُّقهِ
والأغنياتُ هديرٌ في تمرُّدِهِ
وأجملُ الزهرِ مزهوًّا بضفتهِ
وأعذبُ الخمرِ ما يجري على يدِهِ
سرُّ الجمالِ وكم باحَ الرحيقُ بهِ
ليس الجديدَ ولكن في تجدُّدِهِ
دعا الجميعَ هوى نيسانَ فاجتمعوا
وأنشدَ الطيرُ ما يحلو لِمُنشدِهِ
إلاك أنتَ … فَعَينُ الزهر دامعةٌ
وا حسرةَ القلب أن يبقى بِمُفردِهِ !
النهرُ يكرجُ لا يلوي على سببٍ
ولا يلينُ لشاكٍ عند مَوردِهِ
وحوله القصَبُ الريَّانُ وشوشني
أنَّ الإلهَ وحيدٌ في تعدُّدِهِ
والدلبُ ما الدلبُ لم تورقْ ذوائبُهُ
يبكي الربيعَ ويرثي في تنهُّدِهِ
بيني وبينكَ أحلامٌ مُبَدَّدةٌ
يقولها الشعرُ في ذكرى تبدُّدِهِ
من أرض لبنانَ يا شامَ الهوى نسَبٌ
نبضُ الوريدِ ونبضي في تورُّدِهِ
إنِّي أحنُّ إلى حَورٍ به حَوَرٌ
كحلُ العروبةِ مشتاقٌ لِمِرودِهِ
ناديتُ مجدكِ من أرزٍ على جبلٍ
كما تُهَلِّلُ أجراسٌ بِمعبدِهِ
ما أتعبَ العمرَ لولا في مرابعِنا
تبغددَ العيشُ ما أحلى تبغددِهِ
عصفورةَ النهر ما أخبارُ عاشقةٍ
تلملمُ الزهرَ أو تلهو بِعسجدِهِ
وما حكايةُ شحرورٍ على فَنَنٍ
كانت تكحِّلُ عينيها بِأسودِهِ
وكيف أرسلَ صفصافٌ ضفائرَهُ
ليحجبَ الوردَ عن أنظار حُسَّدِهِ
عصفورةَ النهر ما الشحرورُ متكئًا
لم يبرحِ الحقلَ حتى في تشرُّدِهِ
أنا كذلك في لهوي وفي شجني
أصالةُ الشيءِ في الرُّجعى لِمَحتدِهِ