لا…/ ج. 2
بِبِسمِ الله ..
أقبل الليل ، فتقدّم نحوها بسكون مُخيف . من حسن الطّالع ، لم يكن ثمة قمر في السّماء ، التي بدَت فاحِمَة السّواد . حاول الوصول إليها كما كان يفعل دائماً ، لكن من دون أن تدري ..
ولَجَت مدخل بنايةٍ لم تعرفها . كانت سلالمها غير نظيفة بشكل ملفت جداً . كانت علامات الأحذية منتشرة على الغبار الكثيف كلوحةٍ غَوغائية على جدارٍ ملىءٍ بالشُّقوق ..
ركنَت إلى زاويةٍ مُعتِمة والتصَقت بسوادها فبدت كليلينِ مُتجانسَين لا يمكن فصلُهما عن بعض . وضعت يدها على فمها كي لا يصدر عنها أيّ صوت، وجلست تدعو السّماء وكل الآلهة أن لا يجدها في ذاك المكان المَقيت ..
إقترب وقعُ الأقدام من حيث كانت جاثمة ، فتشبّثت بأطراف ردائها وأمسكت أنفاسها …
رأت أمامها خيال رجلٍ تلثّم بِشالٍ أسود ، يحمل سُبحَةً في يده ، ويردّد تمتماتٍ كأنها طلاسم غير مفهومة . كان صوته مألوفاً ، لكنه نزل على سمعها كما الصّاعقة المُحرقة .
لا .. لا يمكن أن يكون هو .. أيُّ مصيرٍ ينتظرها … ؟
هنا ، تراءت لها حوادث كانت قد أغلقت الباب عليها ورمت مفتاحها في أعمق أعماق ذاكرتها .
كان ذاك المساء ، حين هاتَفها من رقمٍ مجهول تردّدت في الرّد عليه ، لكنها استسلَمَت لفضولها وأجابته ..
كان مهذّباً جداً ، لا يكاد ينطق بِجملة من دون ذكر اسم الله والتّسبيح له . كان رجلاً أربعينياً ذا لِحيةٍ غضّة سوداء وحاجبين مُنَمّقينِ كأنهما ليسا لِرجُل …
بالرغم من صوته وطريقة كلامه اللذين أوحيا إليها بالاطمئنان، لم تستطع أن تنسى كيف فشِل في أن يكون إنسانًا ، قبل أن يكون رمزاً للوَرَعِ والتُّقى ، صورة يراها الكُلُّ فيه ، إلا هي …
لقد أطبق عليها بكلمتين اثنتَين ، هما الشَّعرة بين الحق والباطل والحلال والحرام … بِبسم الله ، نَطَقَت بهِما فصارت مُلكُ يمينِه .. اقتحم تُخومَها وكأنّها أرضٌ اكتسبها في غَزوَةٍ ما .. لم يرَ الإنسانة فيها ، لم يرَ سوى غنيمةً حظِيَ بها بعد طول صِراع ..
ظَنّ أنه نال الجائزة الكُبرى وأشبَعَ مكارم الأخلاق وزادها خلقاً بِتسبيحاته المتتالية . لكنه لم يكن يعلم أنه قد دمَّر كل صِلاتِه بالله وأحرق كل آيةٍ كانت تخرج من فمه الدّنيء ودكّ حصونها وأرخى عليها ليلاً ولا أبشع …
انقضى الوقت ، وقت الكلمتين اللتين أخذتا معهُما بعضاً من روحها وماء وجهها أمام نفسها ، ووقت انتظارها وهي ما تزال قابعة في مكانها ( تحت الدّرج ) . يكاد قلبها يخرج من صدرها لكثرة التّوتُّر الذي كان يعتريها ..
هالَها ما عادت به إليها ذاكرتها ، كيف سوَّلًت له نفسُه أن يُحِلّ لنفسه بعد انقضاء المدة وهو الأعلم بحدود الله أن يفعل ما فعله من دون هاتين الكلمتين حين هاتفها من جديد صوتاً وصورة ، وراح يُظهر أبشع ما قد يفعله رجلٌ لم يعرف الله يوماً . نسي قوله تعالى {يَخْتَانُونَ أَنفُسَهُمْ} ..
سوَّلت له نفسه الخاطئة ذلك، ودعته إليه، وكأنّ لم يره أحد ، وكأن الله لا يرى ، ثم راح يلومها بعد الفعل، مستعيذاً بالله من الشيطان الرجيم ، متناسياً أن نفسه هي الخائنة والظالمة ..
لقد كانت سنة الصِّفر بالنسبة إليها ، عبارة عن أنقاض ، وكان عليها أن تكون مستعدة دائماً لاستقبال كارثة جديدة …
يتبع …
# الكاتبة جمانة السبلاني / البقاع / لبنان
وما أكثرهم !
فرح السبلاني
❤❤❤
كتير حبيت ❤
رنا ناصر الدين
شكرا كتير ❤❤❤
مااكثر المنافقين مدثرين بعباءة الدين .شدتني الحبكة بانتظار التكملة
الغالية إم فادي
❤❤❤
و يا كثرهم… بانتظار التكمله…
حبيبتي Betty
❤❤❤
طريقة سرد رائعة، بإنتظار التكملة …
هبة دياب
❤❤❤
رائعة جمانة
فاطمة يونس ، غاليتي
شكرا من القلب ❤❤❤
كم أنت جريئة في البوح ختى بمحرمات تبتعد عن الكلام فيها كثيرات من المعذبات …غبتي ظويلا لتعودين حاملة معك العصا والجزرة في أسلوب ممتع ومثير محوره الدعوة لتقوى الله عن الآثام التي ترتكب بسم الله و باسم الدين
كتابة متينة بلغة جذابة وحسن توظيف ذكي لسرد اختزل الزمان والمكان بلوغا إلى الحدث.