” لست من الكاتبات الّلواتي يبدأن كتبَهنّ بِ «إلى رجلٍ ما»،
أنا أهدي كلّ ما أكتب
إلى الشّقوق في قدمَيْ أمّي! ”
…هذا ما كتبته الشاعرة أماني غيث في كلمة الإهداء في ديوانها ” فلترجوها بوردةٍ ” الذي صدر حديثا عن دار نريمان للنشر والطباعة والتوزيع في بيروت لصاحبته الشاعرة نريمان علوش التي ورغم الاوضاع الاقتصادية والصحية في لبنان قد عقدت العزم على متابعة نشر الاصدارات بكل جرأة وتضحية .
..تضمن الديوان 44 قصيدة تقريبا , منثورة على 125 صفحة من الحجم الوسط , وفيه خمسة محاور تناولت مواضيع شتى ..وحملت العناوين التالية :
1- أنسان , إنسان , إنسان ..
2- الوطن .
3- أفلِت الفراشات .
4- هيرويين المعنى .
5- طلاسم الحب .
..وقد تميزت قصائد الشاعرة أماني بالجرأة و بتلك الإنسيابية في لغة متينة تبرز المعاني والمغازي بتلقائية لا تخلو من الايقاع المتناغم مع الابيات .
# اخترنا لقراء موقع” ميزان الزمان ” بعض النماذج والمقتطفات من قصائد ديوان ” فلترجموها بوردة ” على أمل أن تنال اعجابكم :
من قصيدة المنفى
يلاحقني العالم
يحمل قصائدي بالمقلوب
ويهزّها بقوّة
بحثًا عن أثري
تتعقّبني اللّغة برفقة كلابها البوليسيّة
يقيم الشّعرُ الحدَّ على كتاباتي
ويُدرج صوتي على اللّائحة السّوداء،
صوَرُ قلبي معمّمة في المطارات
يتّهمني الجميع بأنّي أُهرِّب الممنوعات
وأتعاطى القضيّة
وأحمل وطني بين يديّ
وأركض به في السّماء
أنقله معي
من هواءٍ إلى آخر
و من ترابٍ إلى آخر
من قصيدة تطوّر
متى يتطوّرون
ويخترعون
مرايا للكلمات
مرايا تفضح القبح الحقيقيّ
متى يخترعون
مناديل للدّموع الدّاخليّة
مناديل بإمكانها أن تمسح التّعاسة
والعرَق
عن جبين القلب؟!
من قصيدة اعتذار
كان عليّ أن أعتذر
أن أعتذر من البِيض
وأتخلّص من بشرتي
لأنّهم ينادونني “بالسّوداء”،
أن أعتذر من الرّجل
لأنّ الله خلقني امرأة،
أن أعتذر من النّساء “المحظوظات”
وأقتلع إصبعي ما قبل الأخير
لأنّي مطلّقة،
من الفرح
لأنّي “عانس”،
من الأرض
لأنّي لاجئة
ولأنّهم قصفوا ذاكرتي
وحبسوا وطني
في خيمة
من قصيدة شرف
لا يشغلُ رأسَ الرّجل الشّرقيّ
غيرُ الشّرف.
الرّجل الشّرقيّ
رقّته الحياة
إلى حارس شرف
ناطور شرف!
تراه يفيق كلّ يوم
يركض نحو الشّرف
يتفقّده، يلمّعه، يبروزه
ويعلّقه عاليًا على الحائط
إلى جانب الخناجر والمرايا
من قصيدة جرأة
قصائدي لا تخاف
لا ترتجف
لا تستحي
قصائدي أسلِّحها
أرصّ الخناجرَ على خصرها
مثلما يفعل الصّيادُ
بالصّبح والطَّلقات
والعصافير…
– من قصيدة الجاسوس
قلبي أيّها الجاسوس الأحمق الّذي يشي بنفسه
أيّها المراقِب والحشريّ والثّرثار
اِسترِحْ قليلًا من تشريح هذا الكون
كفاك تمسك كلّ نفَسٍ وتضعه تحت المجهر
كفاك تمحّص هذه الأرض بعينيك
قلبي أيّها المحارب الّذي لا يستريح
أخرِسْ عقلك
ودعكَ من كثرة التّفكير
علّقْ بنادقَك كلّها
على حائط النّسيان
ونَمْ أتعبْتَني
من قصيدة أخت الشّياطين
أنا امرأةٌ مبذّرةٌ
يلقّبني إحساسي بِ”أخت الشّياطين”
أفرط في كلّ شيء،
خذوا هذا على سبيل المثال
أنا أستخدم قلبي كلّ يوم
اِسمعوا نبضه كيف يلهث
كأنّه عائدٌ لتوِّه من سباق،
وأنا أيضًا أصرِف مشاعري هنا وهناك
على وجوهٍ وأحداث لا تستحقّ
أستهلك كامل حصّتي اليوميّة من الكلمات
وأسرفُ في الشّوق
وفي الحبّ..
مبارك أماني تستحقين كل التقدير.