السينما والاوسكار
بقلم ميشلين مبارك
شهرياد الكلام ; نشرت مجلة ” الأمن ” في عددها الأخير مقالة تحت عنوان ” السينما والأوسكار ” للكاتبة ميشلين مبارك , جاء فيها :
يتفق العديد من عشاق السينما على تسمية شهر شباط شهر السينما، ربما لانّ جائزة الاكاديمية السينمائية الاميركية أو ما يعرف بالاوسكار تُعلن في شهر شباط من كل عام (باستثناء هذا العام 2021 حيث سيكون موعدها في شهر نيسان بسبب جائحة كورونا). إلاّ أنه وبالنسبة لعشاق السينما ايضا فإنّ هذا الفن الجماهيري الذي يتوجه الى كلّ الفئات وكل الاعمار يصلح لكلّ أشهر السنة.
من المعلوم بانّ السينما بدأت بفضل الاخوين “لوميير” سنة 1895، اللذان وضعا حجر الاساس عندما صنعوا أول آلة عرض سينمائي في باريس وقد سُميت تلك الليلة بأهم ليلة في تاريخ السينما.
الحقيقة، إنّ السينما العالمية مرّت بعدة عصور: من عصر الافلام الصامتة وأبرز أسمائها شارلي شابلن، عصر ما قبل الحرب العالمية الثانية حيث شهدت استخداما أكثر للالوان وبدأت أفلام الصور المتحركة، وفي هذه المرحلة ازدادت أهمية نوعية الافلام نظرا لظهور جوائز الاوسكار عام 1929. أمّا العصر الذهبي للسينما فكان خلال وما بعد الحرب العالمية الثانية حيث ظهرت الافلام الموسيقية وقد صنعت حينها نفقات الانتاج للأفلام فرقا ملحوظا بين الميزانيات الكبيرة والصغيرة.
مما لا شك فيه، بأنه في منتصف الخمسينيات بدأ العصر الانتقالي للفيلم، حيث ظهرت التجهيزات الفنية المتطورة من موسيقى وديكور والى ما هنالك، وبدأت الافلام من الدول المختلفة تدخل الى الولايات المتحدة الاميركية، من دون أن ننسى بأنّ ظهور التلفزيون في تلك المرحلة كمنافس حقيقي للسينما دفع هذه الاخيرة الى التألق أكثر مع وجود أسماء كبيرة لاسيما في الاخراج والتمثيل.
نستطيع القول بأنّ العصر الحديث للفيلم بدأ مع انتاج فيلم “حرب النجوم” الذي يُعدّ أول إسهام للكمبيوتر في تصميم المؤثرات الخاصة. ومع دخول التكنولوجيا في يومياتنا، تطورت طبعا السينما بشكل كبير لاسيما مع تقنية ذات الابعاد الثلاثة وتقنية الديجتال، معها أصبح بالإمكان تصحيح الخطأ اذا حصل.
وتباعا، تغيرت وتبدلت خلال هذه العصور أساليب السرد السينمائي من تأسيس اللغة السنيمائية الى الواقعية الجديدة، ومن حداثة فلييني الى عصر ما بعد الحداثة في أعمال وودي ألن. وصولا الى تقنية التكنولوجيا الرقمية التي بدأت مع فيلم “تايم كود” سنة 2000 للمخرج مايك فيجس. ومع هذه التقنية الحديثة تغيرت أمور كثيرة.
لا شك بأنّ موضوع السينما متعدد الابواب وغني، سنتناوله في هذا المقال من باب ترشيح ووصول الافلام الى جائزة الاوسكار. مع الاضاءة على السينما اللبنانية ضمن هذا المحور.
سبق وأشرنا بأن جائزة “أوسكار” التي تأسست عام 1929 في مقاطعة لوس أنجلوس في كاليفورنيا، هي من أهم الجوائز في مجال صناعة السينما، وتمنح سنويا من قبل أكاديمية فنون وعلوم الصور المتحركة (وهي منظمة فخرية) في مختلف ميادين صناعة الفيلم: من تصوير وموسيقى وتمثيل واخراج وانتاج ومونتاج وسيناريو…ويأخذ تمثال الاوسكار شكل فارس يحمل سيفا واقفا على شريط فلمي وهو مصنوع من مادة البريتانيوم مطليّ بطبقة من الذهب. ويعود أصله الى النحات جورج ستانلي.
ينظم عادة حفل توزيع جوائز الاوسكار سنويا في شهر شباط، ويحظى هذا الحدث بتغطية إعلامية ضخمة. السنة الماضية، أقيم الحفل في التاسع من شباط 2020 وبث مباشرة على شاشات التلفزة ووسائل التواصل الاجتماعي إنما ولأول مرة من دون جمهور.
انتظرنا نحن اللبنانيون، على مرّ السنوات، حصول أحد أفلامنا على جائزة “أوسكار” كأفضل فيلم أجنبي، وقد حظينا بفرصة الترشح والوصول الى مرحلة متقدمة، مرتين: الاولى مع فيلم “القضية 23” للمخرج زياد دويري عام 2017، ووصوله الى مرحلة الخمس أفلام النهائية والثانية مع المخرجة والممثلة نادين لبكي في فيلم “كفرناحوم” عام 2018. مع العلم ان اللجنة المتخصصة لاختيار الأفلام وارسالهم الى الاوسكار في وزارة الثقافة اللبنانية تختار كل سنة فيلما لبنانيا لإرساله الى الاوسكار.
اليوم وفي ظل التحديات الكثيرة التي نعيشها من اقتصادية وصحية ولاسيما مع التطورات التكنولوجية الاخيرة، أين هو دور السينما اللبنانية؟ هل من انتاجات جديدة وهل هناك فرص للوصول الى العالمية؟
هذه الاسئلة توجهت بها الى عرّاب السينما في لبنان ومؤسس التعليم السينمائي في الجامعات اللبنانية البرفسور أميل شاهين صاحب النظرة التفاؤلية، فأخبرنا: “قبل هذه السنة، كانت السينما اللبنانية في أحسن حالاتها، على الرغم من اننا نملك إمكانيات مادية محدودة، الاّ أنّ المواهب اللبنانية الجميلة في صناعة السينما هي التي رفعت اسم لبنان عالميا”.
وقال شاهين : إنّ لبنان هو الدولة العربية الوحيدة التي وصلت الى مراحل متقدمة للاوسكار، إنّما “المشكلة الأساسية اليوم تكمن في الإنتاج وفي ضعف التمويل”،
وأضاف الأستاذ شاهين موضحاً “أننا في مرحلة انتقالية”، هذه المرحلة تطرح علامة استفهام كبيرة بمستقبل السينما، إنما لنكن متفائلين، وبانتظار أن تنجلي هذه الازمات الصحية والاقتصادية عنّا، هناك انتاجات لبنانية جديدة سبق وصورت وستعرض قريبا في السينما اللبنانية”.
ختاماً، نتبنى هذه النظرة التفاؤلية، لأنه طالما هناك إرادة شعب للنهوض من كبواته، هناك دائما أملاً لصناعة النجاحات، والفرصة بوصول السينما اللبنانية الى العالمية حصلت سابقا وستحصل مستقبلا بالتأكيد بإيمان عشاق هذا الفن.