هدوء..
سكينة..
في الشوارع..
في السّاحات..
في الأحياء..
في المدينة
حتّى العصافيرُ
لم تأتِ هذا
الصّباح
وعناصرُ الطّبيعة
في ارتياح..
حتّى الرّياح
وحده ذاك
الطّفلُ الّذي فِيَّ
ساكن
خرجَ من عُقال
الكبْتِ والطّاعة
وراحَ يهرولُ
في كلّ الأماكن
فالطّرقات
الّتي كانت محرّمة
عليه
صارت ملعبًا
للصّغار
أمّا البيوتُ الّتي كانت
وقفًا عليه
فقد صارتْ سجنًا
للكبار
يا لَشيطنةِ الأطفال!
هُمُ الآن يضحكون
شامتين
ساخرين
هازئين
عيونُهُم تزقزقُ
فرحًا
وأصواتُهُم تعلو
طربًا
اليوم عيدُهُم
كلّ الأنحاء
هديّةٌ لهم
ملفوفةٌ بورقِ
القانون
مكتوبٌ عليها:
التّجوّلُ ممنوع
والتّقاربُ ممنوع
يا لَسخريةِ القدر!
لقد سمعتُ حفيف
الشّجر
يتهامس:
لقد كنتَ أيُّها
الإنسان أنانيًا
أحببتَ نفسَكَ
عشقتَها
ألّهْتَها
هيّا اعبُدها
في صومعتِكَ
أردتَ كلَّ شيءٍ
لكَ دونَ الآخر
حتّى صرتَ
بلا الآخر
فها هي الدنيا
لك الآن وحدك
عِشْ وحدَكَ
إسهر وحدَكَ
كُلْ واشربْ
وحدَكَ
تحدّث مع وحدك
أبرِزْ عضلاتِكَ
لوحدك
أظهرْ بطولاتِكَ
وجبروتك
لوحدك
لقد حصَلْتَ
على كلّ ما كنت
تبغي
فلماذا تشكو الآن؟
ومم تشكو؟
ألسْتَ أنتَ الذي على غيرِهِ تكبّرَ
وتجبّر؟
ألسْتَ أنتَ الّذي
جعلْته لكَ خادمًا
وإيّاهُ كنتَ تقهر؟
هيّا أرِني
الآن سلطتَكَ
أرِني أوامرَكَ
تبختُرَكَ
عنجهيّتَكَ
هيبتَكَ
وِقَارَكَ
سيّارتَكَ “المُفَيَّمَةَ”
كقلبكَ
وسائقَكَ المنتظِر
في قرّ الشتاء
وحرّ الصّيف
أرِني “السّيكار”
ومكتبَك الفخمَ
أنتَ أيُّها الجالسُ
خلف مكتبِك
المُبَرَّدِ صيفًا
ونقاطُ التّبريدِ
المُقطّرةُ
تنهالُ خارجها
كنقاطِ عرقِ
العمّالِ تحت
وهجِ الشّمسِ
المُجَمَّر
ك”فرّوجِ”غدائِكَ المُحَمَّر
هيّا أيّها الإنسان
الجبّار
يا مَن ظنّ نفسَهُ
بأنّ الأرضَ ملكُهُ
والبحار
إجلسِ الآن فوق
عرشِ الإنتظار
وتذكّر..
تذكّر..
وأنتَ تحتسي
قهوة الصّباح
أصحابَ
المعاملاتِ
خلف بابِكَ
وهم ينتظرون
ويتكدّسون
فهؤلاء..
أناسٌ شرفاء
لا شحّادون
صباحُكَ أوهامُ
مجدٍ
إهنَأ بها
فهي وحدَها لكَ
تدوم
إنَّا للهِ وإنّا له عائدون
“ممنوع التّجوّل”
# الكاتبة والشاعرة عايدة قزحيّا/ لبنان
