# خاص ” شهرياد الكلام ” باشراف منتدى شهرياد الثقافي في بيروت :
حوارات جانبية مع البحر والليل
بقلم : الشاعر الأردني أنور الأسمر
أستضيف البحر
أُجلسه على الكرسي
أُقَدّمُ له قهوته
ونتبادلُ الأدوار
يتأمّلُ الموج في داخلي ويسأل
هل أنا ضيفك لأرَتّبَ الأمواج
وأعبثَ بالحنين ؟
أم سقطنا من السماء معا
لنكونَ واحدا أمام الخطيئة ؟
فاسأل
ماذا تعرف
عن نجمة ضيّعتْ موقعها
وسَقَطَت بين خطوتين مكسورتين
على الرصيف
وما زالت تُفَتّشُ عن صورتها في الماء
لتعيدَ هيكلة الدموع إلى المرايا
وتُفَسّرٕ لغز النزيف ؟
في آخر الزمان يقول البحر
تسقط النجوم على أحذية العابثين بضوء الروح
وفي آخر الزمان لا ترى وجهك في المرايا
وتمشي وحدك وسط الزحام
ومزدحما وحدك في الظلام
حينها نم على صمتك
وتغطّى بالكلام
إذا لنكملَ الحوار
عن عاشقين تائهين
وعن قاتل وقتيل
تناسلا من عاشقين تائهين
ربما نعثر على وردة
سرق الغياب ماء عيونها
وصارت أرملةَ الندى
وربما
نامت عند أولى القُبْلَتين
قُبْلةُ أمي
وقُبلةٌ خرجت تُفتّشُ عن شفتيها
في هذه الصحراء
وماذا؟
ينهض الندى من تحت الغياب
ويغضب من قاتل وقتيل
يخدعان اللون
ويتبادلان المرايا
فيصرخ لماذا رمَّلْتُم زوجتي الوردة ؟
ولماذا كسرتم سريرها بحوافر خيلكم
واختبرتم لون الدم في لغتي؟
وليس لي لغة سوى قُبلة زوجتي
تفهمني أمرأة طارت كحمامة
عن شجرة في السماء
وجَمَّعَتْ هديلها في جُرنٍ
على جبل
وكتبت على الماء بريش الحنان
أنا لست نصفا لأبحثَ فيك عن مكملي
أنا أنت وأنت كلي
ليشربَ آدم العطشان
ثم ينثرَ أسباب خسارته في الخلود
ويتركَ للندى ما يقول الهديل
أنا الندى
أنارسول السحاب
إلى شجر يُرَطّبُ الكلمات في مناقير الطيور
أسيل آيات من الحب
ليحتفلَ العشب بأغنيات الصباح
أنا فرح الفراشة حين تلمس ظل عاشقة
تُغَلّفُ على صدرها اسم عاشقها بالياسمين
وتستحمُ بعطره القبلات
وأشهد عقد القران
بين الضوء والسنبله
أصطاد فكرة من أثر الضوء على حجر
وأربّي رائحة النعناع فيها
تزوجت وردتي ليتكاثرَ النحل حولي
ألسع المجاز
وأهزم النعاس من الحروف
ليقطف الراوي عسلا
من خلية المعنى
لماذا اختبرتم لون الدم في لغتي؟
ولا أحد منكم سيقطف عشب الخلود
من دم الآخر الفاني
لماذا اختبرتم زواجي ؟
حلَّ النعاس ضيفا على ضيفي
ونام قرب ساحله
ليفرغ الحلم من زبد الحوار
أستضيف الليل
والليل فرس المسافر إلى نفسه
والليل وسادة الحنين
وضفيرة الذاكرة
أمدده على شرفتي
أقدّمُ له قهوته
وأعلو فوقه ممتلئا بالنجوم
والذكريات نجوم تتلو على المسافر
ما نسيت خطاه
من أول دمعة حتى سورة الخاتمة
فأسأل
هل أنا ضيفك لأرتّبَ الفضاء
وأعبثَ بالدموع ؟
أم أنت أخفيت أثر الخطيئة خلف صوتك
وانتظرتَ الصدى ؟
يصمت الليل
ويعجنُ خبز المسافر إلى نفسه
ويشرقُ بالصدى
أستضيف الريح
والريح من عاداتها لا تغيب
والريح مدونة المسافر إلى نفسه
والريح خيط الذاكرة
ترفو ما تمزّقَ منها
وتُلَمّعُه
وتُعَلّقُه بأمس نحاسي على الخاصرة
أحكُّ فيه الضباب
فتشهقَ الكلمات
روحك معبأة بالسحاب
وظلُّك على شرفة يابسة؟!
فبكينا معا أرملةَ الندى
وقلتُ للريح خذي صُرَّةً من البحر والليل
واجمعيني من غيابي
وعلّقيني خبرا على صفصافة
عند أولى القُبلتين