# زاوية ” شهرياد الكلام ” قطفت نصا أدبيا مشوقا للكاتب الأردني رائد عيس موس ( المعروف ب رائد أبو زهرة ) وحمل عنوان ” فضاء لجلجلة الخرس ” وهنا النص :
فضاء لجلجلة الخرس
” أنت إن سكت متّ…
أنت إن قلت متّ…
قلها ومت… .. .. ” معين بسيسو…
1. كأنه كان لا بد من محاولة أخيرة… لكأنه كان لا بد من البوح الخمري… كأنما كان لا بد أن نجهش باللغة… كي نستغرب ظلنا… كأنما كان لا بد من كل شيء…
2. فمن جمالية الأشياء إلى تيهها… مسافة مقلقة… ومن جمالية الوضوح… إلى ضجر الغبش… مسافة موجعة… ومن الحس بالآخرين… إلى محاولة التملص منهم… مسافة أخرى… وأن أكون… ثم لا شيء… فتلك ابتداءات مرارة مالحة…
3. وعندما وقت يمر… ولا تلد الاسئلة إلا أسئلة… تتواسع رغبة الصمت… جموح الاعتراض يوشك ينطفىء… وارتباكة القلب ترتج حين تسكتها فواصل اللغة…
4. كيف أسأل… ومن أقرب إلي… من يحيي لحظتي… من يبعدني عن الموات المباغت… إن رحلت… ومن غيري… يهبط بي لسري الأول…
5. وأنا جسد وأمضي… ثقيل وأمضي… كتلة وتمضي… وظلي يراقبني… وفضائي مبهم… أوغلت… فاشتعلت… وردني فهم إلي… متفصداً بالماء المملح…
6. وأحس الغياب غياباً… أؤجل رغبة تفتش فضاءها… أجتر الأشياء… أفتش عن محال يسبقني… ألهث خلفه… وأنسى في انطواء الجسد… أتوه… أدوخ… أصحو… أنثال علي… وأسأل… هل ثم خراب مضى ولم أنتبه…
7. أخرج كي أدخل… ربما… أو أدخل ثانية لأخرج أولاً… ربما… لم أعد أعرف كيف بدأت… ربما… جنيناً صغيراً في أرض قحط… أأكبر حين سأكبر… ما معنى الأشياء إذن… وما هذي الصور… ما هذا الصوت… أجعجعة تلك… أين القمح إذن… هل أغبى ما في لغتي… حين أصدقها دون ريب… قلت أشك… بأن اللغة قادرة… قطعوا صوتي… قلت ربما لم أفهم بعد القراءة والكتابة… قالوا إيه لك… قلت لا تسعفني لغتي… ولا أتقن لغة أخرى… قالوا أطع… قلت من… قالوا سيدك وطوطمك… قلت لا طوطم في خزائن قلبي… وما بين اللغة وحشرجة اللغة… اخترت الخرس…
8. وفي المنتصف اللذيذ… شاهدت يداً تلملم… ما تناثر مني… وشاهدت أني أنتشر لحظة كالأغنية… قلت أنا المجنون… وأنا المعتوه… وخائب غداً… قالت أحبك… قلت وهل الزهر أبيض… قالت علمني خيبتك…
9. قلت الخمر مكتشفي… وأرق يذهبني إليه… وأشياء أخرى لا أدريها… وأنت من تمنح روحي… زقاقاً لأرحل وشارعاً لأعود… قالت… نم واصحُ… ارحل وعد… دعني أحسك بروحي كنيزك… ساكناً صدري كصدري… وليكن بدءك كجنونك كهواك كفوضى…
10. هل أحكي… سيدة اللوز… أشكك في كل شيء… ماذا لو أهذي… في البلاد الموزعة على الصامتين فتاتاً فتاتاً… شرط الصمت… هل يغضب أحد من هاذٍ مجنون… وأنا أدري… أن القصة ليست كما جاءت بنشرات الأخبار… النشرات دوماً تأخذني للأشياء اللاتي لا تتمنطق… أحاول أكثر… أستعصي عليها… وتستعصي علي أكثر…
11. هل يتمنطق هاذٍ مجنون… هل أدع النشرات وما شاءت… هل أقدر أزرع كشفاً… هل أقدر أحتمل النار وصولاً للألوان القصوى…
12. قالت لكأن الشرق ليس بذات الشرق بذيء… لكن تاريخاً يتأول… تبعاً لخاتم ياقوت أحمر… ويصيرنا لنراوح… ما بين الفقد ولحظ الخوف… ونعلن أن التوصيف… هو نصف المنجز… ولا ننجز غير النصف… ونعلن تعميماً مكروراً أجوف… بضرورة صدفة… آتية لا ريب فيها… وما أتت الصدفة… دجن فينا كذلك… بيئات أولى… وعيب وحرام… وخجل حلو… وخجل نصفي… وخجل مر… ورأس المال… يصعد كاللهب… فيحرقنا ونحن غفاة… غفاة… وننتظر الظرف المواتي… ونتحجج… بالبرد ونقص الحبر… وحر الصيف…
.13 وليكن… ننهد نرتخي… نحيا… بعيداً عن التفاسير… قريباً من اللهفة… ما هم أين كنا… أو أنى سنذهب… لكنها… خطواتنا… لما نختصرها… في الطريق الينا… فمن يقدر يمنعنا… أن نحب ونبكي فرحاً حين نعانق المطر… وما الذي أبلغ من خضار الأرض… ومن الصمت… واشتعال جسد بجسد… وماذا سنحكي بعد الذهاب… أو ننشد في انكسار الإياب… هل ثمة حاجة… لنقول… خذلتنا رؤانا…
14. أيتها اللغة… لماذا نبتذل الكلمات… نصدق مجداً وهمياً… يزني في الصبح بنا… بقحطنا المتوارث باللغة… وبالتحيات الصباحية للأزواج العادلين بين نسائهم… هل أحد يسأل… إن كانت تدمع عين السبية في الليل… وفي العتمة… والشرق ككل مساكين الأرض… يقبع تحت الحد الادنى… وبعد لم يسأل… متى نسأل… متى نسأل… متى يسأل…
15. قالت… سيدة الصبح أنا… وأباعد ليلاً ما بين اللوز وبينك… قلت ما عادت تفهمني الكلمات… وخطأ حدقت بأوحالي… شاهدت أناي العادية… تتقمصني… وتفعل بي موتي… وأحس بأن الدمعة أكبر من رقصي… .فلماذا يدفعني شيء للعبث بحلمي… يشيء وهمي… ويريني الفكرة محترقة… يعض على قلبي… بأغان حلوة… فأصرخ… يا هذا الخذلان الجواني… لماذا لا تمنح إلا إحساساً غضاً بالفقد…
# ( الكاتب رائد عيسى موسى / المعروف أبو زهرة ) #
أيتها اللغة… لماذا نبتذل الكلمات…
آه يا رائد الكلمات وحضور الطقس رغم تقلب التفاصيل
نصٌّ باذخ الجمال كروح صاحبه
ولا عجب أن يحملنا إلى عوالم أكثر نضجًا وصدقًا من زيف الواقع المُعاش
شكرًا لكم ولـ الجميل على المدى رائد أبو زهرة
شكرا ل اللغة بقدر ما اتعبتنا …شكرا ل اللغة بقدر ما قربتنا …
أه يا ناصر .. العطر والبوح …
نحن لن نحاول ان نحيل العالم الى كلمات …
لكننا بضرورة الحلم
سنظل نحاول إحالة الكلمات …إلى عالم نحلمه بأقصى الحلم ….
شكرا لك يا ناصر ولكل الاحبة …أننا ما زلنا نتنفس الحلم …