..اختار موقع ” ميزان الزمان ” باقة ملونة من القصائد الجديدة والقديمة للشاعرة اللبنانية ناهدة الحلبي ِ
هنا بعض القصائد :
-1-
أُناجيهِ ثغرًا أشْتَهي بِلِقائِهِ
مناسِكَ قدِّيسينَ خَلوةَ راهِبِ
ويُوْعِدُني وَصْلاً ويُؤْثِرُ غُرْبتي
ويَرْفَعُ قَصْرًا مِ الأماني الكواذِبِ
أسوقُ القَوافي كالسِّوارِ بِزَندهِ
فيُضْرِمُ في قلبي بِشُعلةِ حاطِبِ
وأذْرُفُ دَمْعًا من عُيونِ قصائدي
وفوقَ جَبينِ الشِّعرِ نَزْوَةُ كاتبِ
وأَسْقي جِراحاتٍ بِرَيَّا أُنوثَتي
فيَنْهَلُ طيبًا مِن دُموعي السَّواكبِ!
-2-
فِلسطينُ.. يا قَمْحَ العُروبةِ ووجَعَ الحَصاد
أفيئي إلى الجِذعِ الشَموسِ وأَفْرِعي
وَميدي كما عطرِ الفؤادِ مُضَوَّعِ
فمن نورِ خدِّ الفجرِ شَعَّتْ شموسُها
وأَقْمَرَ ليلٌ من مدامِعَ هُمَّعِ
فسِقْطٌ لِسَيفٍ في عُيونِ وليدِها
لِطِفلٍ يَعَافُ الموتَ دونَ توجُّعِ
بِدَمعٍ سَكوبٍ فالخدودُ شَواهِدٌ
لقلبٍ كليمٍ من جوىً وتَفَجُّعِ
أيا غَزَّةٌ إنْ لا نَغارُ فويلَنا
نُقاضي دِماءَ الحُرِّ بالمُتَشَيِّعِ
ويَدْرأُ كلٌّ عن حِماهُ بإسمها
ونَحْجُبُ حقَّ الذودِ عَنكِ بِبُرقُعِ
فذي شاهِداتُ الغَدرِ ناءتْ بِغدرِها
وفي زَحْمَةِ النُوَّامِ عَوْلَةُ رُضَّعِ
فيا طافحاً بالعزِّ فوقَ ترابِها
وتحتَ التُرابِ الأحمرِ المُتَخَشِّعِ
ويرشحُ وجهُ الصبحِ ألفاً شهيدُها
فهيَّأتِ للحِنَّاءِ ألفَ مُودِّعِ
تصومونَ عن موتٍ فجاعَ عدوُّكم
وأنتُمْ لهُ في مِنعةٍ وتمنُّعِ
فَدِنْتُ لعينيها ببوحٍ مُهَدَّجِ
وبُحْتُ بما في قَلبِيَ المُتوجِّعِ
فلسطينُ تسترخينَ فوقَ قداسةٍ
لأقصى ومهدٍ لِلمَسيحِ وَرُكَّعِ
وقد لا يكون اليومُ آخرَ غُصَّةٍ
فقومي لِميدانٍ وأرضُكِ أرجعي
-3-
” قال لي…ولكم “
أجْزَلتِ في الأَخذِ ما طابتْ لكِ النِّعَمُ
وازددتِ بي شغفًا فازدادَ بي سَقمُ
قولي لهمْ مذ وطِئتِ الأرضَ كوَّرها
حتَّى الرِّمالَُ قدِ اْزدانتْ بها القدمُ
إيَّاكِ من قمرٍ إن قيلََ ضِئتِ بهِ
فالكونُُ من نظرةِ العينينِ ينتظِمُ
قولي لهم إنَّكِ الغُدرانُ ما نضَبَتْ
وإِنَّكِ البحرُ ما فاضتْ بهِ الدِّيمُ
واستصرخي وجعي ما ذقتُ أجملَهُ
أنتِ الشقاءُ وضوءُ القلبِ والظُّلَمُ
لا تُعتقيني فإنَّ القيدَ نشوتُهُ
إنْ ضمَّنا الليلُ لا الوديانُ والأكَمُ
يا نبضَهُ من فؤادٍ حُقَّ شاغلُهُ
ذاك الموشَّى بشهدِ النحلِ يرتسِمُ
حيثُ الهوى وحُبابُ العَيْنِ قد نثرتْ
عطرَ الغمامِ وحيثُ الخصرُ يعتصمُ
فينطوي وجعي إن عانَقتكِ يدي
كمن يُظلِّلُُ ليلاً وجهُهُ جَهِمُ
قالوا بأنِّي حزينٌ قلتُ منتظرٌ
لعلَّ حبًّا أتى فالعُمرُ يُقتسَمُ
أخشى على الجرح مِ الأبصارِ إنْ دَمعَتْ
فالدمع جمرٌ ودمعُ العينِ بي برِمُ
لو أطفأتْهُ جُذًا فالقلبُ يُشعِلهُ
منها الشِّفاهُ ومنِّي شهدُها وفمُ
-4-
أخوضُ كَثيفَ العِشقِ كَيْما تُذيبُهُ
لِحاظُ عَذارى سُنِّنَتْ بِبَراقِعِ
فعاشِقَةٌ حَدَّ انكسارِ أُنوثَتي
وشَجْوِ يَراعٍ ذابَ بينَ أصابِعي
هُوَ الخَدُّ نَمّامٌ يُنازِعُ قُبْلَةً
تَصولُ بِثَغرٍ مِنْ خَمائِلَ ماتِعِ
تُصَلّي على جَرْحِ القَصيدةِ دمعتي
وليسَ بِقَلبي غَيْرُ شَهْقةِ ضارِعِ
فَتُؤويهِ مَثْمولًا مراشِف وَحدتي
وأَصْحو على ثغرٍ بِنَكْهَةِ جائعِ
يُبَرِّرُ عِشقَ الأُرْجُوانِ لِخَدِّهِ
ويَدْحَضُ لو أَندى الشّفاهَ ذَرائِعي
أُدَلِّعُهُ هذا العذوبَ فإن شكا
تَباكتْ على صَدرِ الحَنينِ مَواجِعي
-5-
لو كنتُ راهِبةً لَبُحْتُ بِسِرِّهِ
فالعِشقُ يَفضَحُهُ دُعاءُ العُبَّدِ
أفرَغْتُ في جَوْفِ الخَوابي خَمْرةً
قدْ يَسْتَفيقُ على أُجاجِ المَشْهَدِ
ما بينَنا خَجلٌ تَساقطَ تَمرُهُ
أقْصى عَنِ الخدَّينِ لَوْنَ تَورُّدي
تِلكَ الشِّفاهُ فَلَيسَ يَستُرُ عُرْيَها
والشَّهدُ يَهْمي فوقَ ثَغْرٍ أجْرَدِ
قبَّلْتُهُ يا طيبَ ما سَكَبَ الهوى
هلْ في اعترافٍ صِدْقُ ما لمْ أشْهَدِ!
-6-
وأتَيْتُ سَبْحًا أرتجيكَ مودَّةً
وبِطَوْقِ غارٍ فامْتَثلْتَ لِناري
وتَهيمُ خلفَ شُقوقِ ليلٍيَ مُبْحِرًا
بِضَفائِري وجواهرِ البَحَّارِ
يُمْناكَ باذِخَةٌ بِعِطْرِ مواسِمٍ
وقُطوفِ شِعْرٍ أيْنَعتْ بِيَساري
منْ دِفْقِ عِطري في مَواجعِ ريشَتي
مِنْ بَيْلسانِ الرُّوحِ في نَوَّاري
لكنَّ قلبي قَدْ يَموتُ بِلَحظةٍ
إِنْ أصْقعَتْ عَيْناكَ دِفْءَ نهاري
-7-
ريشةٌ على خدٍّ وجسدْ ..
تَرْفو على الجَفنِ الكَحيلِ شِفاهُهُ
هلْ ضَلَّ ثَغْري حيِنَ ذاقَ مَرائِري…
ونَهَلْتُ منْ لهَبِ الشِّفاهِ عُسولَها
أمْتَعْتُهُ بِرَحيقِ ثَغْرٍ ثائِرِ
تَحْبو على الخَدِّ الجَميلِ أنامِلٌ
طافَتْ على جَسَدي بِريشَةِ شاعِرِ
واحْتارَ فيَّ العِشْقُ أيْنَ يبثُّهُ
هلْ يسْتَفيقُ هَوىً بِقَلبٍ جائِرِ
فأغارُ منْ هَيَفِ القُدودِ إذا هَوَتْ
في ناظِريْكَ بِطَرْفِ عَيْنٍ غادِرِ
أوْدَعْتُكَ الأحْشاءَ تَرشُفُ منْ دَمي
تَقْتَصُّ منْ ثَغَراتِ جُرْحٍ نافِرِ
إنّي أَتَيْتُ العُمرَ قَبْلَ وِلادتي
ذاكَ المخاضُ جُموحُ نهْرٍ هادِرِ
تَنْأى وتَدْنو مِثْلَ شَقْوَةِ عَاشِقٍ
إنِّي أُحبُّكَ ما اسْتبَحْتَ مشاعري
فتَهاطَلي وجَعاً يُوقِّدُ خافِقي
مثلَ اللَّواعِجِ شُعِّلتْ ببَصائِري
فالحبُّ لَوْني منْ شَفيفِ بَراقِعٍ
والحبُّ دونَكَ نَوْحُ طيرٍ عابِرِ
ولقد شجَتْني الطيرُ فوق تلالهِ
وعلى عِطافِ الرُّوحِ أزَّ حَرائِري
أحْتاجُ دَهْراً لو ْعَدَدْتُ مَواجِعًا
والسَّيْفُ مُتَّشِحٌ بِقَبْضَةِ واتِرِ
زَيَّنْتُ ورْدَ الخَدِّ بالقُبُلاتِ مَنْ
وَقَّدْتَ بِالأَحْلامِ ضَوْءَ مَحاجِري
إنِّي نَظَرْتُ إلَيهِ ذاتَ مَرارةٍ
وخُصوبَةُ الأشْواقِ طَعْمُ خَناجِرِ
يا سَادتي ما الحُبُّ إنْ أذْوى الرَّدى
وجْدَ الحَبيبِ وجَفْنَ غيْمٍ ماطرِ!
#ناهدة_الحلبي
من ديواني: “أبعدُ من وَحْدَتي”
# الشاعرة ناهدة الحلبي/ لبنان )
شكرا جزيلا للموقع الأدبي الذي اهتم بنشر قصائدي ولكم مني جزيل الشكر والإحترام
ناهدة الحلبي