..زاوية ” شهرياد الكلام ” إستضافت اليوم الكاتب والفنان التشكيلي الأردني رائد أبو زهرة في نص نثري أدبي عميق المغزى , قال فيه :
فضاء للعصي
“ألا يلتقي المتوازي بصاحبه… إن سقيناه خمراً… ويترك كل مذاق بصاحبه… كم قليل من الناس… يترك في كل شيء مذاق… “ (مظفر النواب ) :
1. الصور أحيانا لا تحتمل… والفجر ليس طرياً دائماً… وحده الكابوس… دوماً يذبح…
2. أحيانا أحس… أن في الموت راحة ما… تحرر ما… لأن الوجع أكبر من أن يحتمل…
3. أحاول ألا أدخل ثانية في الغفوة… فاجتماع كلينا في جسد… مر الطعم ومالح… أوه يا هذا الكابوس… كم أنت ملاصق… أو أنا لم اعد أحبني؟…
4. كأنما الأشياء تماهت بالأرق… والنهار لم يعد يكفي للهرب… الصحو كذلك لا ينقذ… الكابوس ملاصق… أو يتربص بي كدوريات الليل… يلقي القبض على روحي… وانا أحلم… هل صار الحلم خطيئة… يشوش كل الأحلام ولا يرحل… هل يدري أحد ما الخلسة… سأواصل صحواً… فأنا أشعر أني أحيا… رغماً عني…
5. في البوح… أحتاج تفاصيلي… أرنو إلي ببطء الحمامة… أؤجل… أختزل… ويأتي الليل… يأتي الوعي المحموم به… يحط على صدري… فأحب جنوني… وجلجلة الإدراك… وأحب فيما أحب… غايتي ونشيدي… كالغياب حين يجعل المفردات تسح بين أصابعي… ألاحق فهماً… أمسكه… أحدق فيه… أفتش عن ترجمة… تهدني الفواصل… وتشظيني الفكرة الغائبة… ثمة ما لا يترجم… ثمة ذهن شارد في اليباب… هدير جواني… يلامس ما مضى… يتمدد في الفراغ… في المساحة الخاوية… مساحة للأرق… وموت يلاحق صيرورتي… يتربصني في الزقاق… أركض… أهوي… أصير ذكرى… ولا ذكرى… أحاول ألا يتكرر… لكأن الموت هو الأجدى… فهل يتوقف الزمان في المكان… لمرة واحدة لنسأله… هي أسئلة…
6. قالت: … صباح لكل نشيد فيك… وإن جف… صباح لكل موت فيك… وإن لم يتم… صباح لكل سؤال فيك… وإن لم ينسل منك… قل كل ما تشاء ونم… .ولتكن فيك غفوة… تجربة أولى للموت… مثلما اغترابك… تجربة أولى للسفر… مثلما السفر… تجربة أولى للبحث عن وطن… كما الوطن… حالة عشق… لحنين مفتقد… لأمأن صغير… لقمر…
7. قلت الصباح عابق بالأمنيات… هذا الصباح الرماد… باب لكل الأسئلة… نهار يصعد من نمنمات البارحة… طرق يمشي فيها الضجر… معجون بالحزن أنا… أو كأنما… إنما… أشتهيك لحظة لأقول أحبك… أو أحبك دوماً لأشتهيك وحدك… وأشتهي الصمت الذي يجرح… والمدى المفتوح على الأغنيات…
8. والليل أغنية مهملة… واحتمال مقصلة… الجنون صار سيد الوعي… ولحظة النأي تحرق الأمنية…
9. أتكوم ليلاً… أرسم ما أود أمشي إليه… لعل الرسم يشجعني… إنما يظل يجيء… الذي دوماً يجئ… يسكب في جوفي تاريخ نينوى… أعشق الخمر لحظتها… والصحو المر… وبعض الكتابة… وأمشي لموتي… كأنه الحبيبية الأولى…
10. مرة تتضح الأشياء كلها… ثم تذوي تماماً… كارتطامي الأوليّ بالفاجعة…
11. فأقول مرتلاً نشيدي… الذي لا يستطيل… لا يختزل… ونحن خراب يفتش عن مرثيته… والكتابة يابسة… تجرح… مثلما القلب… مثلما الحياة… نولد… نحيا… نموت… وتبقى مستعصية… فيا أيها الموت أيها المضرج بنا… أيها المخبأ بنا… في قمصاننا المجعلكة… ويا أشواقنا الناحبة… تمهلي… وانشدي نينوى… اه يا نينوى… لو تنفضين التراب عنا… فالذين ذهبوا لن يجيئوا… لأنهم لم يجدوا ما ذهبوا اليه… والذين لم يذهبوا… لن يذهبوا… لأنهم لن يجدوا متسعاً للذهاب…
(الكاتب رائد أبو زهرة/ الأردن )