الشاعر حسن م. عبد الله في قصيدة ” كان بيتاً ومضى ” مع باقة من قصائده المنشورة على صفحته.
____________
كان بيتا ومضى
____________
كان بيتنا في الخيام
بيتا طاعنا في السن
عصاه حديقتان
وصنوبرات باسقات
تحرس روحه.
كان بيتا بين ضلوعه
بركة زرقاء الحوافي
حلوة الماء
بمشمشة حنونة تظلّلها.
كان بيتنا
وما البيوت التي مثله
الّا سبيل التحليق نحو السماء
والأرواح التي
ترفقت بسقفه وأعمدته
وبالأشجار التي حوله
كعرائس عامليات.
كان بيتا ومضى
كما تمضي الطيور إلى فضائها
والأشجار الى تربتها
والنظرات الى آفاقها.
كان بيتنا رواية من شعر
وكان
إنعكاس الماء في سماء البحيرة
وجسد السنبلةكما خلقها الله.
منزل الشاعر قبل وبعد تدميره
ومضات من شعر حسن م. عبد الله :
-١-
ابحثوا في تفاصيل التراب
حمضنا النووي هناك
في كل زاوية
حيث ناح الحمام
أو حيثما ذاب العذاب
ودعوا الأمهات يطلقن الحداء
لا شيء يجدي
لا شيء آخر
فالحب ينمو
كلما حل المساء.
-٢-
لا يعجبني ظلي
حين يتكسر
على حجارة البيت
يعجبني على الجدار
مستقيما وواضحا
لكنني للأسف
لم أعد أملك
ما غيرته القنبلة.
-٣-
ما في سيف بيقطع بالصخر
من دون قلب رجال
أصل السيف
مش مصنوع للأنذال.
-٤-
سنمشي في شوارع الخيام
بظلال ناقصة
بين بيوت ناقصة
في زمن ناقص
وسنضيع بين القبور
بحثا عن أسماء
حفرت ظلالها فوق جبل عامل
-٥-
جنوب الليطاني
كان من الممكن أن تقطف زهرة
أن تضع قدمك في جدول
أو تهيم في حقول الذرة المقمرة
كان يمكن أن تفتح فمك
فينهمر الشعر
أو تحرك أصابعك
لتشهق الألوان والصور
وتجري الغزلان على هواها
لتأكل العنب من مناقير العصافير
كان من الممكن
كان من الممكن وأكثر.
-٦-
الألم المتغلغل في العروق
ليس مهما
هي هشاشة السقوف
المتأرجحة فوق الأسرة المهجورة
ولمسة الستائر المجروحة بالغياب،
الألم هو الألم المتدفق من الأشجار
ونشيج الينابيع المغتصبة،
الألم ليس في اللحم والعظام
إنه الزجاج المكسور في الذاكرة
وحشرجات الشرفات
الألم هو الزهرة المسحوقة
والدمع الجاري
من نافذة إلى أختها.
الشاعر حسن م. عبد الله أمام منزله المدمّر في بلدته ” الخيام ” في جنوب لبنان .