الدوس على الثعابين
لا يأتي الدوس على الثعابين إلا على صورتين: عمدا، أو عن غير عمد.
لا نبالي كثيرا، بمهمة الحواة، الذين يدوسون على الثعابين، كطريقة معهودة لديهم، لإصطيادها. فهذا شغلهم. وهم يعدون له العدة اللازمة. وقد يتعرضون للذعات السامة. فيعرضون بذلك حياتهم للأخطار. علينا أن لا نشجع على إصطياد الثعابين. ولا على التنكيل بها وحجزها، لأغراض شتى، ولو كانت تحت عناوين كثيرة، هي لخدمة الإنسان، علميا وحمائيا على حد سواء.
غير أننا قد نتعرض للدوس على الثعابين، عن غير عمد. وآنئذ تكون اللذعة السامة بإنتظارنا. وقد ندفع ثمن ذلك غاليا، نتيجة الإهمال. أو نتيجة المصادفة المؤذية.
وفي الحالين، الثعابين هي الثعابين، وأخذ الحيطة والإنتباه، ضرورة لنا، لئلا نكون ضحية ثعبان، من هذة الثعابين المندسة عادة في الصفوف الإجتماعية. وفي المنتديات الثقافية. وفي الحلقات والبرامج والندوات والتكريمات. أذ هناك علينا أن نكون حذرين، لئلا ينتظرنا ثعبان، ونحن نخطو بكل تؤدة، في مجتمع من المجتمعات، أو في لقاء من اللقاءات. أو في صفحة من الصفحات. أو في موقع من المواقع الألكترونية.
علينا التمهل كثيرا، ونحن نتحدث، لئلا ندوس على ذيل ثعبان، فينتفض علينا بنابه وسمه، ويحول حياتنا إلى جحيم.
كثيرون منا، لا ينتبهون للثعابين الموجودة في الصالات. وفي المنتديات. وفي أماكن تواجدنا. ولهذا علينا أخذ الحيطة والحذر سلفا. بأن نأخذ الطعم المضاد للسميات سلفا، إذا كنا من رواد هذة الصالات. وإذا كنا نحبذ الحضور إلى تلك الملتقيات. فالثعابين لا ترحم، سواء كنت تدوس عليها عمدا، أو كنت تدوس عليها صدفة. وحذار حذار.. أن لا تكون قد أخذت الطعم المضاد للسميات سلفا. فربما أصابك شاعر بسمه. وربما نال منك ناب ناقد نحرير. وربما سطا بك، أنيس المجالس. وفي أكثر الأحيان، قد تكون عرضة لحنش التبن، المختبئ في الكوادر والحوزات. وفي الصفوف المتقدمة بالناس.
الدوس على الثعابين، ليست رياضة سهلة. ولهذا يجب التنبه إلى ذلك كثيرا. فلا يغرن الإنسان بنفسه. ولا يغري نفسه بنفسه، في الدوس على الثعابين. فقد يكون في ذلك أذية عظمى له. فما بالك إذا كان غافلا أو مغفلا، أو ممن عثر به حظه، فداس على ثعبان، عن غير عمد.
الثعابين لا تسامح. وأخذ الحيطة واجب، حتى لا تنالنا بنابها. وإلا ما علينا إلا أن نتعلم رقية الحية، حتى لا نقع من ضحاياها، فننكب للذقن. فهي في مجتمعاتنا، أكثر من أن تحصى وتعد. ولنعلم مسبقا، أنه في كل حفل. وفي كل درب لحفل. وفي كل زاوية من حفل، هناك ثعبان في إنتظارنا!
د. قصي الحسين
أستاذ في الجامعة اللبنانية.