أما أنا
فأقيم وحدي في مدينة مات أهلها
بحثت عنهم، لم أجد لهم أثرا، فضحكت
كأنهم يلعبون معي لعبة “الغمّيضة”
نكتة سمجة أهّلتني لأكون واحداً، ووحيدا
غضبت، لا أحب عزلة الريحان في المقابر، اجتهدت كي أموت،
كنت أرى الرصاصة قادمة نحوي كعاهرةٍ ساديةٍ، ولا أحيد،
وكانت تخطئني
كنت أرى الوحش الطائر يزأر فوقي كزعيم متخم،
أقذفه بنعالي فينآى.. وأنجو
التفتّ بسرعة المذعور علّني أحظى بمن يؤنسني
لم أجد أحداً في المدينة الساحلية الشابة،
لا بيوتَ مصابةً بالصداع،
لا بنايات تعاني من الروماتيزم،
لا أشجار مصابة بالسكتة القلبية
لا حيوانات أليفةٍ أو مفترسةٍ أو مزاجيّة..
لا شمس للنهار
لا شاطئ للبحر
لا ظلال لأي شيء
بحر المدينة أشيب منهمك باستعادة الذاكرة
الريح مذهولة تحملق بالجهات المهاجرة
والطيور متجمّدة في فضاء القيظ
وحدي حيّ كنبي مهزوم بلا أتباع
كإلاه بلا عبيد
كموجة وحيدة تلطم في عزلتها
فتشتُني فوجدتُي بلا ساقين
ولا ذراعين،
رأسي معلّقٌ على نصفي الأعلى
إلى جانب نخلة مصابة بكسور في عامودها الفقري
ترفض أن أهزّها
ترفض،، ترفض …
( الشاعر أنور الخطيب )