” وِحشةُ الزمان ”
قصة قصيرة للكاتب د. قسام قاسم :
عندما مزقت الرصاصة فخذها، حملت حقيبتها واشاحت بوجهها نحو الارتحال، والسفر الموحش ،أبعدها عن حبيبها الذي تعلق بشِعرها ،وجمالها،
وصار يأتي كل مساء، يطرق باب حديقتها، ويُسقي الامل ،فربما يبست الأشعار ،وقسا القلب، تلك ذكريات تحضر عندما تتداخل مع الامكنة.
والصبيةقبل تسلقها سلم الوداع، تمنت ان يزورها في غيابها،فيخطو، وهويحدق في اضاءة عينيها.
الوردة كالصبية، يخاف عليها، حين كانت تنتهي مطاردته لها ،تجلس منهوكة القوى تتوسله:
دعني ارتاح، لقد أخذني التعب. وتطلب منه الاستماع إلى آخر قصيدة نسجتها، وبدل ان يستمع اليها، كان يراقب حركة شفتيها، تسريحة شعرها، تمايل عنقها، لون عينيها، نبرة صوتها الحنون، وعندما تنتهي ، كان يحثها على الكتابة.
حين استلقت في سرير الشفاء، فاضت دموعها، تعارفا ، على مقاعد الدراسة، ونسيا دفاتر الايام.
ولما وصلته الأحرف الاولى من رسالتها، فضّها بسرعة وقرأ:
اخبرني، يا صديقي، كيف هي حال بيروت، اخبرني عن القرميد الاحمر، هل ما زال صامدا؟ اجابها؛ ان الطيور حمته من وحشة الزمان، فاطمأنت، ومن غرفتها المطلة على رجاء الروح، جلست إلى كرسيها، تتذكر ساعات التلاقي عند درج حديقتها
د. قاسم قاسمو