اخترنا لكم من قصائد الشاعر عامر الطيب :
علمر الطيب
أخذتُ الأوامر من الأطباء
و خلعتُ ملابسي
لأرتدي زيَّ العملية الجراحية،
هناك لم أكن قادرا على معرفة
إن كان الشعر سيهبني
حياة كافية لأمرَّ ،
إن كان الجسد النزق
سيدخر لحظة وعي واحدة ..
هناك تحت تأثير المخدر
أشرت للشعر بلغة الناثر الحزين :
بإنه ذلك الأثر الجانبي
الساخر بالدلالة على موطن الألم.
♤
من الطابق الخامس حيث كنتُ راقداً
إلى الطابق الأول حيث
يتم تخديري
كنت أحبك باستمهال مياه المزاريب
على أمل أن يتعطلَ المصعد
و أنزل برفقة الممرضين على الدرج.
♤
رجال آخرون
يتخلون عن وظائفهم
حين يمرضون
أشفق على صراخهم حين يتبدل
إلى صراخ خراف هلعة ..
فلا تتخلَ عن حياتك العادية ،
لا تستخدمها
بجدية
و لا تهن الروح التي لا تعرف عنها شيئاً ..
رأيتُ
أغصاناً تجف
ويعني ذاك إنها حيت تتخلى
عن وظيفتها اليومية
تمسي قضباناً.
♤
لا تتسع الأرض
لأكثر من اثنين يدعها أحدهما
تدور حتى تقع بحجره
فيما الآخر يتفرجُ..
عفوا أيها السادة إنه الآن يحملها و يحلق
فالبديهي
إن الأرض يمكن حملها
و الأقل من البديهي
إن الأرض تتشبث حجرة تلو حجرة
بأصابع اليد .
♤
الذين تقول لهم البيوت
فيتخيلون الأبواب
لا الجدران
عادة ما يخطئون بمعرفة
ما الأوطان الملائمة لحياتهم ..
الذين ترسم لهم عيوناً
مفتوحة فيغمضونها بالحبر
على اعتبار أن إبقاءها مفتوحة
يعرضها لان تندثرَ
بالدموع فقط .
♤
يقارن الشاعر
عمله بعمل الخباز
أو موظف الأرشيف
برجل المرور أو منظف الحمامات
فيجد عمله
مأساوياً ومع ذلك
فإنه دائم الزهو بسعادة ما يصنعه..
من المخيب للآمال
أن يصبحَ أحدنا في الألفية الثالثة
شاعراً على مضص .
♤
“ورشة الكتابة”
يا لها من أضحوكة إذ يقوم
كتّابٌ بمقام القديسين
وكتّابٌ آخر
بمقام المرضى،
يمنح هؤلاء النصائح بزهو
و يتلقاها أولئك بحسن نية
على أية حال
فإننا نكتبُ في جلبة الحياة
اليومية
و نتقاعدُ في الورش!
♤
اسمحوا لي أن أحدثكم
عن حياتي
متجنباً الاطالة
أن أعيش مأساتي
قبل أن أخسر حقيقتها ، ذلك أن القصص
الزائفة
هي التي تصنع أبطالاً.
♤
عناوين القصائد
تستخدم لأي شيء غير الدلالة
وهذا ما ينبغي ألا يدعك
تستغرب
وأنت تذهب
نحو قصيدة عن الغابة اللانهائية
عبر عنوانها
لتجد نفسك كالعادة
مكسور الجانب في البيت .
♤
وجهي ليس جميلاً
وحين مرضتُ لمستُ ذلك، ناولني أخي
المرآة فعرفتُ الحقيقةَ..
ملامحي قاحلة
كمفارق الدروب
و جمالي حزين و عادي
كما يصنع
طفل لعبته
من زجاجة لامعة
و يمنحها عيناً من طين .
♤
سأرحل وأنا أندب
لترحل وأنت تهزأ من أي شيء
وفي المحصلة
قد نرحل معاً
وتغدو الحياة فارغة
أو تضاعف أقدامنا المسرعة
رفرفةُ الريح .
♤
كم كان المساء حنوناً
حين كنت حياً وأنا أحبك
كالولد العابر،
الضيف أو الغريب أو القتيل
كم كان موتي بعيداً
حتى أن الأغنيات كبرتُ في كل مكان
بأضعاف ما يكبر البشر .
♤
السيدة يومياً
تلمّع زجاج نافذتها ونحن نتلصص.
فرأت ذلك و لم تتحرج
منا.
ظلَّ للسيدة سرٌ
إنها كانت عمياء وميتة
ولدينا أسرارنا أيضاً
لكننا لو أبحناها في اللحظة التالية
لن نبدو أطفالاً.
♤
أشعل الصبي شمعته
و وضع إصبع معلمه على الكلمة،
حدّقَ المعلمُ
وعرف أنه جادل صبيه دون طائل..
لقد تعلمَ الصبي
لكن ليس إلى النهاية
أطفأ المعلم الشمعة
ليضع إبهامَ الصبي
على الكلمة ذاتها .
عامر الطيّب
الشاعر عامر الطيب