كتب يوسف رِقّة :
… أربعة ممثلين لعبوا على الخشبة في مسرحية ” الفقر تحت الكنباية ” التي كتبها وأخرجها رالف حداد على مسرح ” بيريت ” في جامعة القديس يوسف في بيروت وأثبتوا قدرات تمثيلية عالية .
شخصيتان ( رالف حداد وجان بول سيف ) في دور الحرامية ، وشخصيتان ( شربل مهنا وجاد عثمان ) في دور البوليس.
تدور الحكاية حول عملية سطو على منزل غاب عنه صاحبه الرزيل ( تاجر مخدرات ونسونجي ) ونكتشف بأنّ أحد اللصوص قد سطا على أموال اللص الآخر الذي دفعته الحاجة إلى القيام بالسرقة مع انه قليل الخبرة في هذا المجال .
الحبكة التي كتبها ونفذها رالف حداد فيها الكثير من الطرائف التي تدور بين اللصين من جهة ، وبينهما ورجال الشرطة من جهة ثانية .
ما أراده الكاتب ، هو شعور أحد اللصوص ( السارق المخضرم ) بالإنسانية تجاه زميله ( اللص المحتاج للمال ) بحيث يتخلى عن الغنيمة المسروقة إليه و يتبنى الجريمة لوحده ليكون ” المخلص ” لأخيه في اللصوصية ..
المهم ، أنّ العرض المسرحي كان منسجما كثيرا مع النص الذي لا يحتمل أكثر مما قدمه المخرج في رؤيته للعمل ، مع العلم أننا نحن كمتفرجين كنا نحتاج إلى الإقتناع بحصول عملية التحول المفاجئ للشخصية التي أصابت اللص الحترف حيث لم نشعر بالصدمة التي جعلته يتحول من لص صاحب سوابق إلى إنسان يشعر مع الفقراء ..
وكم كنا نحتاج إلى ظهور أنثوي لشخصية ” سالي ” بدل الاكتفاء بسماع صوتها من بعيد ، ربما لو دخلت للحظات من نافذة المنزل بحثا عن حبيبها لتمكنت قليلا من كسر ذكورية المشهد ..
رالف وجان ، تمكنا من إقناعنا في دور كل منهما : شخصية “السارق الحذق” في مقابل شخصية ” السارق رغما عنه ” ..كذلك شربل وجاد ، ممثلان طريفان وخفيفا الظل على الخشبة ، تمكنا من رسم الصورة الكاريكاتورية الخارجة عن مألوف القمع السلطوي خدمة للكوميديا في العرض المسرحي .
ما أود قوله هو أنّ مسرحية ” الفقر تحت كنباية ” تجربة شبابية تستأهل الاهتمام والتقدير ، وقد بدا الجهد المبذول واضحا في العمل الذي هو برأيي من أصعب الأعمال المسرحية لناحية تنفيذ عرض ينتمي إلى المدرسة الواقعية الكلاسيكية حيث لا مظاهر رمزية في العمل ، فالهاتف حقيقي ، والكنبة ، والمكتبة ، وحنى الباب لم يستبدل بالدخول من وراء الستارة ، بل كان بابا حقيقيا بكل تفاصبله .
الموسيقى أيضا، كانت كلاسيكية غربية لمنح جو تأثيري على المشهدية ، أما الإضاءة ، فقد كنت أتمنى أن يلعبها مهندس الإضاءة بشكل أفضل وينتبه إلى تفسيراتها المسرحية ، مثلا ، في المسرح عندما يسود الظلام فالتفسير الرمزي لذلك هو انتقالنا من زمن إلى آخر ومن ليلة إلى أخرى أو من فصل إلى فصل آخر .. كان من الأفضل برأيي أن تخف الاضاءة في بعض المشاهد التي تتطلب تأثيرات معينة .
هذه الملاحظات ، لا تحجب نجاح العرض في السينوغرافيا للعمل ككل ، الحركة في انتقال الممثل من جهة إلى أخرى ، التوازن في توزيع الديكورات على الخشبة ، لعبة الإضاءة والمؤثرات الصوتية .. لم ينقصنا – كما قلت – سوى ظهور العنصر الأنثوي ليكتمل المشهد ..
العمل ناجح بكل تأكيد ، طبعا ، في مقياس النظرة إلى المدرسة الواقعية في المسرح التقليدي ..وعلى هذا الأساس نقيّم التجربة وما شاهدناه على الخشبة ..
ألف مبارك من أسرة موقع ” ميزان الزمان ” الأدبي في بيروت للكاتب والمخرج رالف حداد ولفريق عمله ، وعلى أمل أن نشاهد أعمال أخرى للشاب المخرج رالف حداد لاستنهاض المسرح اللبناني بعد نجاحات حداد العالمية و المتعددة في مهرجانات سينما الأفلام القصيرة .
هنا مشهد فيديو من المسرحية :
ملصق المسرحية
صورة تذكارية بعد عرض المسرحية ، من اليمين : الكاتب يوسف رقة ، الشاعر مارون أبو شقرا ، المخرج رالف حداد ، والاعلامي محمد علي رضى عمرو.