خيال الكاتبة رولينغ صنع هوية جديدة لمدينة “يورك” و”جماعة العنقاء” تتلبس روحها.
بقلم الكاتبة والاعلامية دلال قنديل
-×-×-×-×-
مدينة “يورك ” البريطانية تُبطىء عقاربَ الزمن تُحيلنا الى قصص الخيال نرافق فيها قفزات “هاري بوتر” في فضاءالمجهول.عصاه، عباءته، المكنسة، لباسه وأدواته، عناصر القصة مكتملة بكافة وجوهها وشخصياتها حتى السحر الأسود وخلطات الأعشاب السحرية متوفرة لمن يرغب.
هذا العالم الخيالي ممتد أمامنا،نخال انه يخرج من كتاب صانعة الخيال الكاتبة البريطانية الشهيرة ج.ك.رولينغ.
الكاتبة البريطانية الشهيرة ج.ك.رولينغ.
شاهدنا صورَ اغلفة هاري بوتر، ألعابه وأفلامه في السينما ، أما أن يتلبس كتابٌ خياليٌ روحَ مدينة مأهولة، تستقبل مئات آلاف الزوار من أنحاء العالم بحثاً عن روح الأسطورة ورموزها، مسألة تثير التساؤل والحشرية.
هاري بوتر بنظارتيه وعينيه الحادتين يُطلُ من كل زاوية.كأننا نراه هنا آدمياً يعبر بيننا . نتنفسُ أحرفَه منقوشة بأشكال متنوعة، نسمعُ صوتَه. بين الأزقة نتشربُ الرواية بأعيننا المفتوحة على أزيائه، مسكوبةً في كل مكان، وصولاً الى متحف خاص بمقتنياته في شارع “شامبلس” الرئيسي ،في مدينة يورك البريطانية، التي تبعد عن” لندن” ساعتين ونصف في القطار،وحوالي ساعة ونص الساعة عن مدينة
” مانشستر” الصناعية .
( اضغط على الرابط أدناه لمشاهدة فيديو التقطته الزميلة دلال قنديل للمتحف الخاص في مدينة يورك )
يحكى وفق تاريخ المدينة إن ذاك الشارع الضيق،
شارع” شامبلز” الشهير، كان في العصور الوسطى مسلخاً وسوقاً للحوم،في الهواء الطلق، تجري دماء الذبائح في مساربه المكشوفة .
هنا كل شيء يعبر بتمهل.تلتقط العيونُ المستكشفة أدقَ
التفاصيل.يصطفُ الوافدون لدخول المحال ، تجذبهم التجربة.يلبسون الازياء ويختارون منها الشخصيات التي تتناسب مع أمزجتِهم.
يومٌ للتنكر ، للتحرر من الواقع ، لإنفلات غير مشروط نحو رواية متوارثة لأكثر من جيل.
عالم متكامل كفيلم واقعي في مدينة لم تدخلها كاميرات افلام هاري بوتر كما كان شائعاً .
عالم لا ينقصه حتى اصوات الريح أو الطيور والحيوانات الناطقة التي تصدح داخل الجدران والمتاحف.
( شاهدوا فيديو من مدينة يورك بعدسة الزميلة دلال قنديل …اضغطوا على الرابط أدناه ) :
مساحات تُركت لمتاهات معاركه مع” غولدمورت” الذي تمكن من دخول جسد “هاري بوتر “في أحد فصول الروايةقبل طرده بفعل السحر وإستعادة طاقة البطل الخرافي.تعويذات “جماعة العنقاء الأصلية” واسماء عصبة الأشرار ” قتلة الموت ” ، صور صديقة هاري “لانا” وحبيبته “شو” ” بأزيائهما تمنح الأماكن ارواحهم الخارجة من خيال الكاتبة الأغنى في العالم ج.ك.رولينغ التي قُدرت ثروتها بمليار دولار اميركي وهي المتحدرة من عائلة فقيرة.
حديقة “يورك” بمتحفها ، تُركت كمسرح حر للسناجب والعصافير التي لا تحاذر الاقتراب من الزوار. أماطائر البوم المتصبر عند مدخل الحديقة فيَشخصُ نظرُه خلف قضبان القفص الواسع .
حلويات ومأكولات صُنعت على صورة ابطال الرواية لتُكمل وجه مدينة “يورك” .
يقول بعض الرواة أن المدينة التاريخيةهي مدينة “روبن هود” فهي تقع عند نقطة التقاء “نهر الفوس» مع نهر “الأوس”،تطل ضفتا النهر،
بمحاذاة السور التاريخي الأطول في إنجلترا، الممتد على ثلاثة أميال ببوابات حجرية شاهقة .
الشوارع الضيقة تقودنا الى بناء كاتدرائية “يورك” العريقة.
على مسافةٍ قصيرة من مركز المدينة تقع سكة حديد “نورث يورك مورز “.تلك المحطة جزء من سكك الحديد و الثورة الصناعية التي يرتكز اليها اقتصاد المنطقة الصناعية منذ القرن الثامن عشر.
فكرة الكتاب في رواية “بوتر”كانت عماد السياحةالتي هي أيضاً صناعة فنية تستسلم للاسطورة المتخيلة.
روح المدينة الحميمة بشوارعها المتفرعة الضيقة، بإنعكاس أبيض الجص على أسود الخشب المعتق او الإسمنت المدهون بالأسود، يجعل التطابق وافياً بين عالمين بتكامل سحرهما الذي جعل “يورك ” المتخيلة واقعاً يرتفع بها الى أعلى سُلم السياحة الداخلية في بريطانيا العام الماضي.
( جميع الصور بعدسة الزميلة دلال قنديل )
تاريخ المدينة بسورها العريق ساهم في إندماج المتخيل
بالواقع ،فهي تحمل على جدرانها العتيقة قيمةً تاريخية خالدة تمتد عبر 1900 عام بناها الرومان في عام 71 ميلاديًا، قبل أن يسيطر عليها محاربو الفايكينج في عام 866 ميلاديًا، لازالت محفوظةآثار تلك الحقبة في قلعة ومتحف وحدائق “يورك شاير” .
الساعة عند جسر المحطة الخشبي هي الزمن المتفلت بالخيال،تعبر القطارات بعجلات العصر المتسارعة ويبقى “هاري بوتر ” في فضاء “يورك “يصارع الريح بسحر الطيبين ضد الاشرار ويلاحق القتَلة الذين خطفوا أهله وهو بعد طفل ، قبل أن تمجده الكتابة بطلاً أسطورياً لا يخاف الموت.
دلال قنديل
بريطانيا
الزميلة الكاتبة والاعلامية دلال قنديل قبيل زيارتها الى مدينة يورك البريطانية .