” السبت الثقافي ” مع الاعلامية والكاتبة دلال قنديل :
نصب تذكاري في نيويورك
وملتقى في مالبورن.
غلين كاليم حبيب: ألاحق كينونتي بتقفي أثر “النبوة” الذي أرهق جبران خليل جبران .
( الجزء الأول )
-×-×-×-×-
كتبت دلال قنديل :
تخرج الكلمات بلهجة لبنانية ثقيلة، ما تلبث أن تصبح أكثر حيوية، تنزلق الكلمات على لسان رئيس جمعية جبران خليل جبران “غلين كاليم حبيب” المخرج اللبناني الاسترالي المقيم في مالبورن. يلبس زياً أسترالياً محضاً ، لكنه يحدثنا عن زياراته الدائمة لمسقط رأسه في الشمال وزياراته التي لم تنقطع للبنان الذي تعلق به من نافذة جبران خليل جبران التي تتجاوز ما نراه في لبنان اليوم، الى الماضي الزاخر بالحضارة والفكر الجبراني اليقظ الذي تجاوز الأزمنة، الى الخلود.
“جبرانيون” حول العالم تكاد تشبه هذه المجموعة التي تعمل على إصدار ترجمات بلغات جديدة لكتب جبران ، رغم أن عدد اللغات التي تُرجم اليها جبران قاربت ال ١١٧ لغة يقول جلين وهو يعرض في حوارنا نمو مشروعه لإنشاء مجموعة جبران العابرة للقارات.
بعد ان حاضر في الصين يتطلع الى الهند وأندونيسيا وتايلاند حيث شريحة واسعة من الشباب تهتم بجبران ، هذا ما تبشرنا به أرقام متتبعي الموقع . كما تلحن مجموعات أميركية شبابية كلماته ، مثلما لحنت “البيتلز” جزءاً من أدب جبران في الماضي .
رئيس جمعية جبران المخرج غلين كاليم حبيب
مما قاله غلين في حواري الغني معه والذي سأنشره تباعاً:
“في تلك البلاد نكتشف بعد البحث ان الاهالي يسمون اولادهم بإسم جبران وهو اسم يتردد بالمئات.هذا دليل آخر أن فلسفته لا تموت وهذا حافز إضافي لنستمر رغم ضعف الإمكانات”.
“جبران العالمي حمل تعدد الحضارات في لبنان بفكره الإنساني الحر، أتعبته فكرة أن يستظل به الآخرون، كما حصل بعد كتاب “النبي”. أن يطرقوا بابه لأخذ بركته كأنه نبيهم . جبران أراد لكل منا الخلاص ، الذي لا طريق له سوى من داخلنا، بالحرية والمحبة وهما توأما روحه المتعالية.”
تتبع مسار جبران حافل بالصعاب والمفاجآت والاكتشافات يقول :
ترجمات جديدة ولقاءات وأماكن مغمورة أقام فيها جبران , بينها مكان كتابة “النبي”…يوم تلقى دعوة للاقامة في منزل الشاعرة البوسطنية ماري غارلند ،هو بعض ما تكشفه تلك الجهود المتواصلة لمجموعةجبران الدولية.
الشاعرة ماري غارلند التي استضافت جبران حين كتابته ل “النبي” ..
مزرعة الشاعرة ماري غارلند التي وفق الباحث فرنشسكو مديشي كتب فيها جبران
” النبي”.
نص الجزء الأول من الحوار مع غلين كاليم حبيب :
حول هذا المسار كان الحوار مع رئيس المجموعة،المخرج والباحث غلين كليم حبيب اللبناني الاسترالي:
-مئوية صدور كتاب النبي حدث إستثنائي هذا العام، كيف ستحتفون به؟
في الثالث والعشرين من سبتمبر الجاري وهو تاريخ صدور كتاب “النبي”بطبعته الاولى الانجليزية قبل ان يترجم لاحقاً الى الفرنسية،ليترجم لاحقاً الى لغات عدة بينها الصينية عام ١٩٣١.في هذا اليوم العظيم ٢١ ايلول سيقام لقاء ونشاط ثقافي في مالبورن بأستراليا .
وفي الحادي عشر من نوفمبر -تشرين الثاني المقبل سيتم الاحتفال في نيويورك بوضع منحوتة ضخمة ،تُخلد ذكرى جبران، في وسط حديقة كنيسة “سان مارك” .
الحديقة كان يجلس فيها جبران، هي محاذية لمنزله الذي تهاوى مع مرور الزمن.
أما المنحوتة،فهي يد العطاء التي تختصر علاقته الانسانية مع الآخر ، تلك اليد المبذولة على الدوام للأخذ والعطاء في تكامل لا يخفى على ” الجبرانيين”.
لوحة ل جبران خليل جبران في بيته الأوسترالي
الجميل ان النصب التذكاري الذي نفذه الشاعر والنحات رودي رحمة ، عملنا بصعوبة على شحنه من لبنان الى نيويورك. حرصنا على هذا التمازج بين عالمين لنُعَبر
عن روح جبرانية خالصة منتمية لذاتها فقط، للإنسانية المعذبة، التواقة للحرية بين شرق وغرب.
-كيف وُلد لديك هذا التعلق بحبران، وانت لم تقرأه بالعربية تحرص على هذا الوصال مع بلده الأم.لماذا؟
-تعشقت جبران خليل جبران منذ كنت فتى في العاشرة. قرأته بالانجليزية وكان ملهمي ومازال ، وأنا اواصل السعي عبر كتاباته للوصول الى ذاتي العليا، الى الكينونة التي عرفناها مع أعلى تجليات جبران بكتابه “النبي”.
يوم كنت فتى وانا اتكلم اللهجة اللبنانية دون ان اتقن العربية قراءةً او كتابة. ذهبت الى محل جارنا “جورج” الذي كان لم يمضِ وقت طويل على إقامته في أستراليا، وانا متعطش للتشبع بروح جبران في لبنان التي لم اكن اعرفها بعد. حدثته عن جبران ، قال إنه لم يسمع به وكان رجلاً في الثلاثين من عمره.عندها شعرت بالخذلان. كيف لا يصل جبران لأبناء بلده؟. وبت أتقصد أن اواصل الحوار معه عن ما اقرأ من اعمال جبران.
مرت سنوات وجبران يلازمني، كلما أنجزت عملاً ، بعد ان اصبحت مخرجاً كانت تطرق رأسي أفكاراً تُخلد جبران .تضيء على زوايا من حياته ، أنا نفسي اطرح أسئلة عنها رغم تتبعي الدائم لأثره.
بيت جبران في ملبورن في اوستراليا
بعد سنوات وخلال تصفحي لمواقع الانترنت عثرت على موقع يديره الدكتور سهيل بديع بشروئي (١٩٢٩-٢٠١٥) ، متخصص بأعمال جبران، بعدما خَفُتَ نشاطُ الموقع راسلتهم بهدف شرائه. بدأت تتكون لدي افكار لتسليط الضوء على اعمال جبران ونشرها عبر العالم. كان المبلغ الذي طُلب مني خيالياً في البداية بالنسبة لشاب مثلي، الى ان تلقيت عرضاً معقولاً عام ٢٠١٣ وتمكنت من تأمين المبلغ من خلال أصدقاء مهتمين مثلي بجبران.
جمعنا المبلغ بجهد محض فردي، وإنكببنا على تطوير الموقع بجهدنا كمجموعة، تتخطى بقليل العشرة أشخاص موزعة في بقاع العالم. جامعنا الوحيد الانتماء لجبران.
بيت جبران خليل جبران في اوستراليا
هذا لا يخفي أهمية المحاولات الاولى التي شقت طريقنا للدكتور سهيل بشروئي، وهو كان الرئيس المؤسس للاتحاد العالمي للدراسات الجبرانية، واستاذ محاضر في مركز أبحاث التراث في جامعة ماريلاند الاميركية.
وضعنا خطة لتطوير الموقع ، وبعد فترة اسسنا بيت جبران في مالبورن، الذي تُعرض فيه اعماله وتقام الندوات حولها، وأقمنا لذلك شراكة رسمية مع اللجنة الوطنية لجبران خليل جبران.عرضنا مقتنيات من متحف جبران الدائم في بشري أثارت أهتمام العديدين.
(يتبع)
دلال قنديل
ايطاليا
الكاتبة والاعلامية دلال قنديل