خاص ” ميزان الزمان ” الأدبي / كتب يوسف رقة :
تحيا سوريا ..هذا ما سمعناه مرارا خلال رحلتنا الى أعلى جبال لبنان في بلدة ضهور الشوير للمشاركة في الاحتفالية الموسيقية الغنائية التي دعتنا اليها مؤسسة سعادة الثقافية ليل السبت الماضي تحية إلى فلسطين تحت عنوان ” عيوننا إليك ترحل كل يوم ”
قبل وصولنا الى عرزال سعادة في البلدة , أصرّ الرفيق ” أبو حسين ” الذي نقلنا من بيروت مشكورا , أن نمرّ على منزل رئيسة مؤسسة سعادة الثقافية الدكتورة ضيا حسّان لتناول القهوة لمرافقتنا الى العرزال الذي كان صومعة الزعيم انطون سعاده وافكاره المدرحية والمعادية لكل فكر طوائفي من أجل النهضة للأمة , كنت متشوقا لرؤية العرزال , الذي سمعت عنه كثيرا .
في منزل الدكتورة ضيا . جلسنا حول طاولة تظللها عريشة من العنب وعلى جوانبها أشجار السرو المتراصة كحراس الهيكل , وبعد أن شربنا القهوة مع رفيق دربها السيد محمد غملوش وبعض الاصدقاء , توجهنا برفقة الزميل الاعلامي محمد عمرو من عرزال الدكتورة ضيا حسّان الى عرزال سعادة .
د. ضيا حسان والسيد محمد غملوش في ضهور الشوير
عند مدخل العرزال , كان في استقبالنا الصديق الأستاذ مكرم غصوب الذي حضر ممثلا لوزير الثقافة القاضي الدكتور محمد وسام المرتضى , وفور وصولنا قلت للصديق مكرم ” خذني الى العرزال ” ..وقفنا امام عرزال سعادة والتقطنا بعض الصور التذكارية وكشف لي الصديق مكرم بان العرزال كان يتكئ على أشجار الصنوبر ولكن بسبب يباس تلك الأشجار تمت اعادة تشييده .
امام عرزال سعادة مع ممثل وزير الثقافة الأستاذ مكرم غصوب
في الصفوف المخصصة للإعلاميين والضيوف كان مكاننا , ومن حسن الصدف كانت تجلس أمامنا ابنة الزعيم انطون سعادة , حيث لم نقصد استراق السمع ولكننا سررنا بوعيها القومي الاجتماعي وحديثها المتواضع مع جميع من حضر اليها لرمي السلام بقوله : تحيا سوريا .
إليسار ابنة الزعيم انطون سعادة في مقدمة الحضور .
بدأ الحفل الذي قدمته الدكتورة ريما داغر أبو خير بالنشيد الوطني اللبناني , و بالنشيد القومي الاجتماعي ثم القت الدكتورة ريما الكلمة التالية :
كلمة مقدمة الحفل د. ريما داغر أبو خير :
حضرة معالي وزير الثّقافة القاضي محمّد وسام مرتضى مُمَثَّلًا بالرّفيق مكرم غصوب المحترم.
حضرة الأمينة اليسار ابنة الزّعيم انطون سعادة المحترمة.
أصحابَ المقاماتِ الرّسميّة والرّوحيّة والفكريّة والحزبيّة والاجتماعيّة والإعلاميّة، أيُّها الحفلُ الكريم.
تعالَوا معنا في رحلةٍ من دونِ رحيل،
من منقلبِ الشّمسِ إلى سفحِ القمر،
من لحنِ عُصفورٍ إلى شَدْوِ الوتر،
تعالَوا لنزورَ الكونَ والعناصِرَ، ونسبرَ غورَ الوجودِ، ونلحقَ الملائكةَ صوبَ الجِنان.
تعالَوا لنسمعَ همسَ الكواكبِ والنّجوم، ونسبقَ الرّيحَ إلى قِممِ الجبال،
لنسمعَ اللهَ يُحاكي الأنبياء، ويوزّعُ اللونَ على أجنحةِ الفَراش،
لنرصدَ التّاريخَ، ونمُرَّ خِفافًا على منابعِ الأنهُرِ وأعماقِ البحار،
إلى مُدُنِ الجمالِ والفُنون، مُحاطةً بالخناجرِ والعيون،
لِنَجولَ بينَ أطلالِ القُصور، ونسألَ الصُّبحَ عن شمسِ المَغيب،
إلى مُدُنِ الحرّيّةِ المُسَوَّرةِ بالغِلال، لنشهَدَ العِزَّةَ على جِباهِ المُقاوِمين،
إلى فلسطينَ المكلومة، لنسمعَ الجُرحَ يُغنّي للنّضال.
مقدمة الاحتفال د. ريما داغر أبو خير
وأضافت د. ريما ابو خير القول : تعالَوا أيُّها السّادةُ إلى مركبِ الكلمة، وسفينةِ الشِّعرِ وجِسرِ اللّحنِ والصَّوت، نعبُرُ إلى مدينةِ الصّلاة، إلى القُدسِ العتيقة زهرةِ المدائن، إلى غزّةَ ونابلسَ والضّفّة، إلى حيفا ويافا واللّد، وإلى كُلِّ شِبرٍ من أرضِ فلسطين، عَلَّ رائحةَ صنوبرِ العرزال تترنّحُ لتُرسِلَ هينماتِها إلى شجراتِ الزّيتونِ العِتاق، مُحَطِّمةً سلاسِلَ الجُورِ والظُّلمِ والاحتلال، مُنشِدينَ معَ الشّاعر نبيل الملّاح قائلين:
… هُنا الصَّنوبرُ زهْوٌ من طبيعتِها
زادَ اخضرارًا على ما مرّتِ الحُقبُ
من أرضِها قُدَّ للتّفكيرِ منهجُهُ
فعاشَتِ الرّوحُ فيما الموتُ يَضطَرِبُ
مِنَ المُطلِّ إلى العِرزالِ وَطأتُهُ
هُنا التّأمُّلُ… والأفكارُ تنسَكِبُ
هِيَ العقيدَةُ… بعثُ المجدِ مبدأُها
هِيَ المناقِبُ والأخلاقُ والنُّخَبُ …
شكرًا سعاده على جودِكَ وفِكرِكَ! أرسلْتَ لنا من حناياكَ رِجالَ فكرٍ وأبطالًا مُقاوِمين، ومُرَنِّمينَ يحملوننا بالصَّوتِ واللّحنِ والكلمة إلى رُبوعِ الأمّة، نسيرُ معهم مُنشدين ومُصَلّين، قائلينَ مَعَ صوتِ فيروز وشِعرِ الأخوين رحباني:
عَم صَرِّخ بالشّوارع، شوارع القِدس العتيقة
خلي الغنّيّة تصير… عواصف وهَدير
يا صوتي ضلّكْ طاير… زَوْبِع بِهالضّماير
خبّرهن عاللي صاير… بلكي بيوعى الضّمير.
ألا فلْنرْحَلْ معًا، خيالًا وغِناءً وموسيقى، مَعَ كورال مؤسّسة سعاده للثّقافة، في رحلةٍ نؤدّي فيها التّحيّة إلى فلسطين، من أرضِ العرزال، مَرتَعِ العِزِّ والإباء، إلى فلسطين أرضِ الصّلاةِ والبُطولةِ والإيمان.
كلمة رئيسة مؤسسة سعادة الثقافية د. ضيا حسّان :
ثم القت رئيسة مؤسسة سعادة الثقافية الدكتورة ضيا حسّان كلمة الاحتفال الموسيقي الغنائي الذي حمل عنوان ” تحية الى فلسطين ” فقالت :
حضرة المسؤولين
ضيوفنا الكرام
رفيقاتي ورفقائي
اليومَ… نقفُ على أعتابِ لحظةٍ رائعة تجمعُ الأصواتَ المدوّيةَ لشبابِنا الموهوبين والروح المرشدة لتراثِنا الثقافي. إنه لمن دواعي سروري أن نعربَ عن شكرِنا وزير الثقافة لرعايتهِ نشاطِنا هذا، فهو الداعمُ القوي للفنونِ والمدافعُ الحقيقي عن الهويةِ الثقافية.
معالي الوزير، حضورُكم اليومَ يعكسُ التزامَكم بالفنونِ ويتحدثُ كثيرًا عن فَهمِكُم للدورِ القيمِ الذي تلعَبُهُ الفنونُ في تشكيلِ المجتمعاتِ الغنيةِ بالحضارةِ والمنفتحةِ على التقدم. كما ويجسدُ التفاني في رعايةِ الإبداعِ وتقويةِ الروابطِ الثقافية وتمكينِ شبابَنا ليكونوا حاملي شعلةَ الحضارةِ في عالمٍ دائم التطور.
أتمنى أن يمثلَ هذا الحدث بدايةَ شراكةٍ متناغمةٍ بين الوزارةِ ومساعينا الفنية، شراكةٌ تستمرُ في تجويدِ الحيويةِ الثقافية التي تميزُ أمتَنا.
لماذا كورال مؤسسة سعاده للثقافة
يعتَبرُ سعاده أن هكذا أعمال هي مسألةُ تغذيةِ النفوسِ بالفنِ الموسيقي. وأوصانا قائلا: ولمّا كانتِ الموسيقى والغناء من العواملِ الكبيرةِ في تطورِ حياة الأممِ الاجتماعية والروحية، فحريٌّ بالسوريينَ أن ينشطوا إلى مناصَرَةِ النهضةِ المذكورة ويعملوا في سبيلِ ترقيةِ هذين الفَنّين الساميين.
ولماذا تحية الى فلسطين
لأن فِلسطينَ هي في قلبِ القضية، هي نظراتُ الأملِ من وجوهِ أطفالِها الحزينة، فِلسطينُ هي الأُم التي تُنجبُ الأبطالَ، فلسطينُ هي الحجرُ في يدِ كل طفلٍ، فلسطينُ هي الحبُ الذي لا يموت،
د. ضيا حسّان تلقي كلمة مؤسسة سعادة للثقافة
فِلسطينُ…. التي كلما غَفونا توقضنا لتبقى عيونَنا اليها ترحَلُ كلَ يوم. فلسطينُ التي قال عنها موشيه دايان: لم يعد هناك فِلسطين… تم الإنتهاءُ منها. فنهضت زهرةٌ من بين الأشواكِ برائحةِ الزعترِ والزيتون. لقد نسيَ أن فلسطينَ وطنٌ تستعصي جذورُه على القلعِ، نسي أن في فلسطينَ أحفاداً لنبوخذ نصّر، نسي أن فلسطينَ وطنٌ برائحةِ الشهداء، فكل من يولَدُ منها شهيد.
أيها الحضور الكريم…..
بهذا العملِ الفني الثقافي، تواجِهُ مؤسسة سعاده للثقافة الحربَ الناعمةَ التي تُشَنُ على مجتمعِنا لطمسِ ثقافِتنا وحضارتِنا، فنحن نواجِهُها بالثقافةِ الحقيقية…. فحيث تمُرُ هذه السنة مئويةُ كتاب النبي لجبران ومئويةُ ولادةِ العبقري عاصي الرحباني دون إحتفالاتٍ تُذكر ولا نشاطاتٍ في مدارِسنا وجامعاِتنا بهذا الخصوص، ولا دراساتٍ ولا كُتبٍ تصدرُ من دور النشرِ ولا أعدادٍ مخصصة له في المجلاتِ، يقام حفلٌ لعمرو ذياب يحضَرُهُ 18 الف شخص توضَعُ فيه شروطٌ مُخزية على الإعلاميينَ فيمتثلوا بها صاغرين. ويواجهُ معالي وزير الثقافة اللبناني حملةَ انتقاداتٍ عنيفةٍ تشُنها شخصياتٌ سياسيةٌ وفنانونَ من ذوي الفنِ الهابطِ وناشطونَ على وسائلِ التواصلِ الإجتماعي بسببِ االمشروعِ الذي تقدمَ به لمنعِ تشريعِ المثليةِ وقرارِه بحضرِ فيلم باربي لتعارُضِه مع القيمِ الأخلاقية.
فبينما ترزَحُ بلدُنا في ظلِّ هذا السخفِ القاتِلِ والمحاولةِ المفضوحةِ لسلخِ اجيالِ المستقبلِ عن قيمِهم وعن المناقبيةِ والأخلاقِ وإلهائِهم عن قضيتِهم الأساس التي هي نهضةُ أمتِهم ليركزوا على مواضيعَ سخيفةٍ لا تُشبِهُنا،… في ظلِّ هذا الواقعِ المريرِ آلت على نفسِها مؤسسة سعاده أن تواجهَ بالثقافةِ هذه الحرب الناعمة فقررت من خلالِ هذا العملِ التركيزَ على اعمالِ عاصي ومنصور الرحباني وإعادة البوصلة الى فلسطين.
فيروز وعاصي ومنصور تخطت أعمالُهم لبنانَ الأخضر وركزوا على جميعِ كياناتِ سورية الطبيعية وانتصرَ عندهم فخرالدين على العثمانيين وليس على والي دمشق كما يَذكُرُ كتابُ التاريخ…. تمرُ الذكرى المئوية الأولى لولادة عاصي والناسُ في مكانٍ آخرَ يلهَونَ في المعتقلاتِ الطائفية التي زجَهم فيها سياسيونَ فاسدون فنَسوا فنهم الراقي ونسَوا فلسطين. أما نحن،… فلن ننسى.
أخيراً أودُ أن أعبرَ عن شكريَ العميقِ لرئيسِ فرقةِ الكورال الرفيق الأستاذ زاهر السبعلي وُمعلمةُ الصوتِ الأستاذة لارا جو خضر وأعضاءِ فرقةِ الكورال الذين عَمَلوا بجهدٍ طوالَ هذه السنة ليمتعونا بهذا العمل الراقي والجميل.
كورال مؤسسة سعادة للثقافة :
وبعد الكلمة , بدأ كورال مؤسسة سعادة بالعزف الموسيقي وغناء معظم الأغنيات التي تناولت القدس والعودة وفلسطين ومعظمها من” ألبوم ” السيدة فيروز والأخوين الرحباني حيث اشرف على الفرقة الفنان زاهر السبعلي بالتعاون مع مدربة الصوت الأستاذة لارا جوخضر .
شهدت الأمسية حماسا كبيرا لدى الحاضرين ورافقت الأغنيات عروض مشهدية فوتوغرافية تعبّر بدقة عن كلمات كل أغنية .
ثم في اختتام الحفل تمّ توزيع الدروع التذكارية على المشاركين في احياء هذه التحية وهم رئيسة مؤسسة سعادة للثقافة د. ضيا حسّان ورئيس فرقة الكورال الفنان زاهر السبعلي ومدربة الصوت لارا جوخدار .
هنا بعض الصور واللقطات من الاحتفال :
الفنان زاهر السبعلي يتسلم الدرع التذكاري
مدربة الصوت للكورال لارا جوخدار
د. ضيا حسّان تتسلم الدرع التذكاري خلال امسية التحية الى فلسطين
ممثل وزير الثقافة امين سر اتحاد الكتاب اللبنانيين الاستاذ مكرم غصوب
جانب من الحضور الحاشد في امسية العرزال
الزميل محمد عمرو بين مكرم غصوب ويوسف رقة في صورة تذكارية امام عرزال سعادة
الزميلة الاعلامية أدال حوراني بين الحضور
السيد محمد غملوش بين الحضور
الصديقة هبة عبد الخالق وسيلفى خلال الحفل
شبل من اشبال سعادة يلوّح بالعلم تحية لفلسطين
ابنة الزعيم وحديث سعادة مع الاستاذ مكرم غصوب
جانب من الحضور
د. ضيا حسّان عند مدخل العرزال
لكم النصر وساحات فلسطين