مشوار اليوم مع د. قاسم قاسم :
متاهات اللقاء / قصة قصيرة
-×-×-×-×-
طلعت قبالتي ،وانا مشغول ادون نهاري على صفحة الكمبيوتر، استدرت نحوها مرحبا:
اهلا.
ردت: منذ اسبوع وانا احاول الاتصال بك!
على اي رقم تتصلين؟
ذكرت لي الرقم ، فقلت لها:
سجلي رقمي الجديد
علقت:
رقم سهل.
حالما جلست ، راحت تحدثني عن وحدتها المسكونة بالبحث ،والمختبرات ، عن قلقها المتعلق بالحياة.
صبية تسلقت درج العلم باكرا، جذبها ، وتعلقت به، حتى نسيت زينتها ، فضاعت في معتركه سنوات افضت بها مهارة ، واكتسابا.
ارى على جبينها خيوط التعب ، بينما غزا البياض شعرها ، وجسدها اثقلته الموهبة التي تلمع من عينيها.
جاءت وقد تغير الوجه ، بينما الماضي صور عابقة بالذكريات، لم تسلني عن حالي، بقيت شاردة في مفاهيمها، ربما ارادت تمزيقً ورقة تبعثرت قبل اعوام، سألتها:
ما زلت تحبين البحر؟
عن اي بحر تسأل:
عرفت انّ تشابك الاحلام يولد فعل دوامة، يدور فيها الانسان واذا وجد ذاته فتبعا للمكان ، رأيتها تطيل التحديق، فجأة سألتني:
اراك شبابا اكثر من ذي قبل
ثم صمتت ، وخبأت خجلها بين ضفائر شعرها، ملت بنظري نحو نافذة مطلة الى البحر ، وسرحت في امتداده، طالت ذاكرتي صورتها الاولى ، وحين التفت، رأيت في مقلتيها ، صورةالصبا، ودمعة سخية ، حيرني وجدها ، قلت في قرارة نفسي، ربما جاءت تفض ما في داخلها ،وانا صديق النزوات الاولى….امسكت منديلا ومسحت به ما ابتل ، وحين لامست اصابعي رطوبة خدها لمع سحر غريب في عينيها.
ضحكت وقامت معتذرة وهي تردد:
ساعود.
حدقت في فراغ الكرسي ، وفركت عيني محاولا تبيان الحقيقة ،وحالما فتحتهما ، رايتها امامي ، وقد علا شفتيها احمر ارجواني ، فلما رأتني اطيل النظر قالت:
ياه لدي موعد في المختبر.
بعد انصرافها، رحت ازور ذاكرتي متوقفا عند محطات مرت بنا ، واتساءل ما بها الصبية تغيب حتى يكاد المرء ينساها ، كأنها تعاند وحشتها ، وتريد ان توقظ نورا في عتمة صدرها، كيف تغيب في متاهات اللقاء، وهل جاءت مودعة؟
جميل ان تجد نافذة غرفتها مشرعة على الهواء ،واصيص من الورد يزين طلتها.
هل جاءت على عجل لتعيد ما انقطع؟
ام انها هيأت للسفر عنوانا؟
د. قاسم قاسم
عندما تصيغ الأحداث بمزيج من الاحساس والخيال تبدع دكتورنا الغالي. وكل الكلام يعجز عن وصف السعادة بلقاءك 🙏🌷
قصّةٌ قصيرةٌ توجز مجموعةً من الأحاسيس الممتدّة من الماضي إلى استراجعه ثمّ من الآن إلى الغد…ويبقى البحر هو خطّ التماس بين الغياب المقصود به الحضور الكامل…كلّ التقدير دكتور