” السبت الثقافي” مع الكاتبة والاعلامية دلال قنديل ;
“إيطاليا الخفيّة” لهدى سويد: تعمق بإمتداد الجمال على مر العصور
-×-×-×-
ثمانية أبواب في كتاب “إيطاليا الخفيّة” للصحافية اللبنانية – الايطالية هدى سويد يفتح نوافذ الفن والثقافة في بلد عريق الحضارات ومتعددها.
ملحقات من الوثائق والصور تُكمل رحلة البحث في الخفايا.
سيرة مفتوحة لجولات في قلب المتاحف والمزارات والكاتدرائيات تنضح بالمشاعر وتَخفقُ بأُنسِ الامكنةِ وعَبق تاريخها.
في تلك الجولات تنسَكبُ المدنُ بكل تجلياتها دون اكتفاء بالظاهر منها . الخفاء سحرٌ وإزاحة الستار للضوء المتسلل من الفن والجمال متعة لعاشقي الغوص في مسارات التاريخ الحافل بالحروب والهدم وإعادة البناء على مدى قرون أتاح تجليات فنية بتمازج حضاري .
غلاف كتاب ” إيطاليا الخفية للكاتبة هدى سويد الصادر عن دار بيسان في بيروت
تكتب هدى سويد تاريخ إيطاليا من ملامح أثرها الاعمق وهو الثقافة والفن . يطلان في فصول الكتاب كعِمادٍ لتلك الزيارات الموصولة بشغف الاستكشاف بعين متذوقة للجمال والبيئة وللتراث والتقاليد وحتى للمطبخ الايطالي بتنوعه.
بين شمال وجنوب نتوه بين المعالم ، ننبش في سرّ الفوارق والعادات بين المناطق.
من صفحات الكتاب
تُمعنُ الكاتبةُ النظرَ بتاريخ الحروب والصراعات، تستعرض بطولات شخصيات تاريخية، ونتاج مبدعين .تسلط الضوء على شكوك بشأن بيت ولادة ليوناردو دافنشي ومتحف ” انكيانو” في الفصل السادس مستشهدة بمقالة لأحد النقاد في صحيفة ” لا ناسيوني” رُفعت للنيابة العامة. بعد هذه الملحوظة تمضي في نبش تاريخ يعود لمئات السنين يتحدث فيه أحد المؤرخين عن وجود رمز عائلة دافنشي منقوشاً عند مدخل الباب لإثبات أنه مكان ولادته وانه تم تعميده في كنيسة فينشي ، تجليات الابداع لا تقف عند حقائق مطلقة، ورهافة الفن تمنحنا قدرة تكرار الرؤية للمَعْلم نفسه بروحٍ متجددة.
يستوقفنا في ذاك الترحال الخصيب محطات نابليون بونابرت التي تؤرخ لها إيطاليا في مدن عدة بينها
” بورتوفيرايو “.
لا تقتصر خصوصية إيطاليا على تاريخها وجمالها ، عاداتها وتقاليدها وفولكلورها الشعبي تلك الملامح التي تُمعن الكاتبة بتفحصها ، ترافقنا بمشاعر وشحنات عاطفية، كأننا نرافقها في نزهة. الكتابة هنا تُشبهُ الى حد بعيد اسلوبَ حياة الايطاليين وهو اسلوب حياة فريد تَطبعَ مع الزمن بلغة اجسادهم التعبيرية .
في الفصل السابع تتوقف الكاتبةُ عند هذه الحيوية المتجلية بالعادات والتقاليد، حيث تتنوع الكرنفالات وتتبدل لتمنح لكل منطقة شذى لا يشبه غيرها .تنقلنا بخفة بين اسرار التكوين ،
نسير في تلك الشوارع التي عبرتها، نتوقف معها ، نتفرس الوجوه، ننبش التاريخ لتوثيقه.
نرى بعين مفتوحة على المدى الجمالي وبعقل متعطش على الدوام للمزيد.
في بلاد تُقدسُ حضارتَها، تحمي جمالَها بإظهار المفاتن لحسناء لا تشيخ، نجول في صفحات كتاب لنكتشف سرّ هذا السحر.
“إيطاليا الخفية ” كتاب يدخل في ادب الرحلة.
ليس عجباً ان ما يفوق المليون زائر يعبرون يومياً مدناً كالبندقية او فلورانس او روما. هنا المتحف مفتوح على تجديد يمازج الماضي بالحاضر دون ان يخلو ذلك من شكوى بعض الايطاليين من تدفق ملايين السياح الى مدنهم واقتحام يومياتهم ما يدفع ببعضهم لهجران مسقط رأسه الى اماكن قريبة اكثر هدوءاً ، كما يفعل أهالي البندقية الأصيلين الذين ابتعدوا الى جزر محيطة بمركز المدينة او انتقلوا الى خارجها .
الثقافة والفنون نقطة ارتكاز إيطاليا في قوتها وضعفها ، وهي باعتمادها الاقتصادي الى حد كبير على السياحة الثقافية، في مدن شهيرة عديدة، فتحت عيون العالم على كنوز لا يخبو رونقها، لكنها ربما بذلك ضيقت على مواطنيها فرصاً لزيارة كاتدرائيات ومقرات كانت متاحة مجاناً قبل زمن قليل مضى.
دلال قنديل / ايطاليا
الكاتبة والاعلامية دلال قنديل