في يدك البلاد…
قصيدة للشاعرة آيات جرادي
( ألقتها في افتتاح قاعة الشيخ فضل مخدر في مركز الملتقى الثقافي اللبناني )
-×-×-×-×-×-
الشاعرة أيات جرادي
في يدك البلاد . . .
لوّح بكفك للرماة ليبدأوا
وامسح رؤوس المتعبين ليهدأوا…
أبناءُ هذي الأرضِ مثلُ ترابها
منذ انطلاقة فجرهم لم يهنأوا…
لم يخبروا التّاريخ عن أسفارهم
لكنّهم صحبوه حين تهيّأوا…
لم يشربوا لمّا تقدّم جندٌهم،
ولذاك حين تأخّروا لم يظمأوا…
لم يطعموا أبدا شرارة خوفهم
فتصلّبت أعوادهم وتجرأوا…
تلك الأحاديث التي ما بينهم
بقيت على أجسادهم تتفيّأُ
فاسمح لنفسك أن تمرّ بأرضهم
رئةً يلاطفها الهواء فيبرَأُ
ومسافرًا يهب البلادَ وجوده
فإذا تشطّر جسمُه لا يعبَأُ…
ما الشِّعر إلا أن يلاحق شاعرٌ
معنًى، يسارع إن رآه ويبطئ
متوقّدٌ في الحربِ مثل رصاصةٍ،
قد لا يصيب وإنما لا يخطئ…
فيقول حين يرى الذهول لنفسه
الشعر طاسة دهشة لا تُملأ!
حرّر بكاءك لا صلاة لشاعرٍ
من حزنه الأزليّ لا يتوّضأ!
واسكن وراء النّهر إنك عاشق
واكتم رؤاك فإنها تتلألأ…
لكَ أن تحاول مرة أخرى وكم
ترتاب بعد الخطوتين وترجئ!
ستخونك الأحداث إن أودعتها
حلُمًا ولكن لن يخونك مبدأ…
فالمخلصون هناك، خلف ثغورهم
شادوا مقاعد صدقهم وتبوأوا
فسيوفهم لا تستريح بغمدها،
وقلوبهم كسيوفهم لا تصدأ…
غضّوا عن الدّنيا منافذ طرفهم
فتعجبت أرواحهم مما رأوا
لم تنطفئ في الحرب جذوة روحهم
من أجل أرواح بهم تتدفأ
بين القذائف يفرشون جباههم
أو يفتحون قلوبهم كي يقرأوا
ختموا أحاديث الجهاد وأحكموا
قبضاتهم وعدوّهم يتهجأ
لولا القضاء لغادرت أرواحُهم
أجسادَهم فكأنها تتلكّأ…
أعداؤهم لا يعرفون طريقهم،
حتى كأنّ دروبهم تتخبّأ
إن أُغلقت كلُّ المعابر أبدعوا
في الصّخر دربا للخلاص وأنشأوا
وإذا تضايقت الأمورُ توسّلوا
باب الذي قهرًا يُعيدُ ويبدئُ…
ولهم مفاتيح الجهات ليعبروا
وقلوب أهل الأرض حتى يلجأوا
فإذا مررت بأرضهم فاخلع خطاك-
وسِر بلا جسدٍ فحدسُك أضوأُ…
ستعود منتصرًا وفي يدك البلادُ،
وفوق نعشكَ شُعلةٌ لا تُطفَأُ!
الشاعرة آيات جرادي